بالوثائق كشف حقيقة حماس الإخوانية وعلاقتها بالصهيونية

هنالا نتحدث كرها بأحد ولكن كشفا للحقائق المستورة

بالمستندات والوقائع التاريخية فضائح الجزيرة لخدمة الصهيونية العالمية

لمن يريد الحقيقة الكاملة ومعرفة لصالح من تعمل الجزيره إقرأ

من هو الفريق أحمد شفيق "السيرة الذاتية الكاملة"

رجل عاش لخدمة وطنه بالقوات المسلحة وكان على قدر المسؤلية

"الحقيقة وراء 25 يناير ولماذا تنحى مبارك "كشف المؤامره

تحليل سياسى مترجم لكشف ما حدث بمصر خلال تلك الفتره

نص إستقالة د/ كمال الجنزورى من رئاسة الحكومة 1999 ويمتدح الرئيس مبارك

يخرج علينا بمذكراته ليخطيء بمن إمتدحه وهو بالسلطة والان يفترى عليه !!

.

30‏/08‏/2011

سؤال ؟ تصدير الغاز الطبيعى المصرى .. بين الأسباب والنتائج

اتفاقية الغاز



دراسة أعدها مركز الأهرام لدراسات البترول والطاقة
أعد مركز الأهرام لدراسات البترول والطاقة دراسة حول تصدير الغاز الطبيعى المصرى والتى تعد من أهم القضايا التى تشغل الرأى العام ونشرت الدراسة فى جريدة الأهرام بتاريخ 9/2/2008.
تقديــم
الاستفادة من ثروات مصر البترولية والغازية وتحقيق الاستغلال الاقتصادى الأمثل لها سواء لنا أو لأجيالنا المقبلة .. مـن أهـم القضايا الحالية باعتبار أن هـذه الثـروات هـى الشريان الرئيسى للطاقة والمورد المهم للنقد الأجنبى ويرتكز عليها الاقتصاد القومى لتحقيق معدلات وأهداف النمو فى كافة مجالاته الاقتصادية والاجتماعية، ولذلك فإن التساؤلات والاستفسارات المطروحة حالياً حول إنتاج الغاز الطبيعى وتوفيره للاحتياجات المحلية وتصديره وأسعاره تتطلب من الجميع المشاركة بالرأى البناء والخبرة الفعالة والتحليل الموضوعى حتى نصل جميعاً إلى الحقيقة فى موضوعية وشفافية ووضوح كامل ، ومـن أجل ذلك فإن مركز الأهـرام لدراسات البترول والطاقة يبادر بعرض هذه الدراسة للإجابة على هذه التساؤلات وغيرها وتتناول بالتحليل تقلبات الأسواق العالمية للطاقة ، بعد ارتفاع أسعار البترول الخام إلى مستوى غير مسبوق اقترب من حاجز الـ 100 دولار للبرميل .. وخاصة أن المتغيرات المتلاحقة فى أسـواق البترول العالمية تؤثر على أسعار الغاز الطبيعى بيعاً وشراءً برغم عدم وجـود بورصة عالمية للغاز مثل بورصة البترول ، ولذلك أيضاً فإن هذه المتغيرات السريعة وأثارها المتعددة كانت دافعاً رئيسياً لمركز الأهرام لدراسات البترول والطاقة نحو إعداد هذه الدراسة لتحديد أين نحن على خريطة الغاز العالمية ومدى تأثرنا سلباً وإيجاباً بما يحدث إضافة إلى الوصول لإجابات واضحة حول عقود تصدير الغاز المصرى.
السوق العالمى للغاز حتى منتصف العقد الحالى
• لا يوجــد ســوق عــالمية للغــاز الطبيعــى ، مثلما هو الحال بالنسبــة للزيت الخام حيث توجد أسعار قيــاسية للــزيت الخــام مثــل برنت والعربى الخفيف والمتوسط والثقيل وغرب تكساس وكلها تستخدم كمؤشر فى تحــديد أسعار بيــع وشــراء الـزيت الخــام والتـى لا تــرتبط بعقود طويلة الأجل ، وعلى الجانب الآخر فإن أسعار الغاز الطبيعى ظلت وإلى الآن تتحدد أسعارها من خلال عقود طويلة الأجل بما يضمن تدبير التمويل اللازم واسترداد الاستثمارات المرتفعة لمشروعات تصدير الغــاز سـواء من خلال النقل بالأنابيب أو عـن طـريق الإســالة ، أما أسعــار الغاز الطبيعى فى بعض الأسواق مثل هنرى هب بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وزييبروج فى بلجيكا فهى تمثل مؤشر لأسعار الغاز للشحنات الفورية (spot cargoes) وهى تمثل 5% من السوق العالمى للغاز المسال .
• وتختلف أسعــار تصــدير الغاز تبعاً لاقتصاديات مشروعات التصدير واختلاف الأسواق مــن منطقــة إلى أخرى بالعــالم وكــذلك طبقاً لطبيعة الوقود البديل المتوافر ودرجة المنافسة فى أنحــاء العالم المختلفة ومن هنا كانت حقيقة أن عقود التصدير من أى دولة منتجـــة لا تعكس سعراً عالمياً موحداً بل يتم تحديد الأسعار بالتفاوض بــين أطــراف العلاقة التجارية (الشركات والمؤسسات) طبقاً لعناصر تكلفة الإنتاج والنقل والمعالجة والتــوزيع وهوامش الربح وأسعار الشراء المقبولة ، كما ترتبط المفاوضات بتقييم محددات السوق فى حينه من حيث العرض والطــلب والعائد على الاستثمار والفرص البديلة وحجــم المخــاطرة ولذلك تختلف الشروط من عقــد لآخــر ، ويعتمد تسعير الغاز على معادلات سعــرية ترتبـط بمؤشرات أخرى يـدخــل فيها السعر القياسى لخام البتــرول أو بعــض المنتجات البترولية كالمازوت والسولار أو أى مؤشــرات أخــرى يتم الاتفاق عليها مثل سعر الكهرباء.
• حتى عام 2004 كانت السوق العالمية للغاز الطبيعى (والزيت الخام) هى سوق المشترى بمعنى أن العقود كانت تميل كفتها لصالح المشترى المتاح له العديد من البدائل الأخرى المناسبة وعلى رأسها الزيت الخام ومنتجاته ، حيث لم يتعدى سعر المازوت خلال هذه الفترة 100 إلى 130 دولار للطن ، وكانت أسعار الغاز الطبيعى المسال تسليم أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية فى حدود 2.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية لأوروبا وحوالى 3 دولار / مليون وحدة حرارية بريطانية للولايات المتحدة الأمريكية وبخصم تكلفة النقل والإسالة والفاقد يكون صافى العائد عند مدخل مصنع الإسالة يتراوح بين 0.8 – 1.15 دولار/مليون وحدة حرارية بريطانية .
وكانت أسواق البترول مستقرة إلى حد ما خلال العقدين الأخيرين عند متوسط سعر حوالى 20 دولار/برميل، ولم يكن هناك أية مؤشرات تنبىء بارتفاع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة للزيت الخام ، وبالتالى فإن عقود الغاز التى تتراوح مدتها بين 10 - 20 عاماً كانت آمنة إلى درجة كبيرة فى الاعتماد على الحقائق التاريخية وتصورات الخبراء فى هذا الشأن .
السوق المحلى وظروف تصدير الغاز
• مع بداية عام 1994 بدأ إنتاج الزيت الخام فى الانخفاض التدريجى لعدة أسباب من أهمها التناقص الطبيعى لإنتاج الحقول وتقادم البنية الأساسية وعدم تحقيق اكتشافات كبرى للزيت الخام مثل حقول المرجان وأكتوبر ورمضان ، وقد تزامن مع ذلك زيادة مطردة فى استهلاك المنتجات البترولية الأمر الذى كان ينذر بظهور عجز فى ميزان مدفوعات قطاع البترول نتيجة لاستهلاك النسبة الأكبر من الزيت الخام فى الوفاء باحتياجات السوق المحلى وبالتالى انخفاض صادرات الزيت الخام اللازمة لتوفير النقد الأجنبى لسداد التزامات قطاع البترول تجاه الشركاء الأجانب طبقاً للاتفاقيات البترولية .
• انخفضت صادرات الزيت الخام من حوالى 9.5 مليون طن عام 1993/1994 لتصل إلى حوالى 2.9 مليون طن عام 1998/1999، لتتراوح فيما بعد بين 2 إلى 2.5 مليون طن/سنوياً ، فى حين ارتفع استهلاك المنتجات البترولية من حوالى 17.4 مليون طن عام 1993/1994 ليصل إلى 23.9 مليون طن عام 1998/1999 ثم إلى حوالى 28 مليون طن عام 2006/2007.
• بدأ مع عام 1997 تحقيق العديد من الاكتشافات الغازية الجديدة بمياه البحر المتوسط وخاصة بالمياه العميقة ، ومن أهمها اكتشافات غرب الدلتا بالمياه العميقة لشركة بريتش جاس البريطانية ، حتى أن الشركة حفرت 17 بئراً ناجحة متتالية ، الأمر الذى كان يعنى دخول مصر مرحلة جديدة من الاكتشافات الغازية الكبرى وتحقيق طفرة فى الاحتياطيات وهو ما تحقق بالفعل فى السنوات التالية .
• خلال الفترة من 1998/1999 وحتى عام 2003/2004 تم تحويل معظم محطات الكهرباء القابلة للتحويل والمرتبطة بالشبكة القومية للغازات الطبيعية ، وكان يتم أيضاً تغذية كافة مصانع الأسمدة بالإضافة لمصانع الأسمنت القريبة من مصادر الغاز الطبيعى لتعمل جميعها بالغاز، وقد أصبح واضحاً أنه سوف يتحقق فائض كبير فى إنتاج الغاز الطبيعى فى حالة تنمية حقول شمال بورسعيد وغرب الدلتا بالمياه العميقة وكذلك الاكتشافات المحققة بالاتفاقيات الجديدة وأنه من الضرورى تحقيق أكبر استفادة ممكنة منه حيث أن بقاؤه فى باطن الأرض وعدم تنمية حقول الغاز المكتشفة سيكون رسالة للشركات العالمية بإيقاف أنشطة البحث والاستكشاف والتنمية والتوجه لمناطق أخرى خارج مصر.
• فى إطار ما تقدم جاء قرار تصدير الغاز المصرى كوسيلة ، وليس هدفاً ، لتحقيق عائدات من النقد الأجنبى فى ضوء تراجع صادرات الزيت الخام وحتى يتمكن قطاع البترول من سداد مستحقات الشركاء الأجانب طبقاً للاتفاقيات البترولية ، وتمويل استيراد باقى احتياجات السوق المحلى من البوتاجاز والسولار ، وكذلك لضمان استمرار تكثيف أنشطة البحث والاستكشاف وجذب المزيد من الاستثمارات فى هذا المجال .
• خلال عام 2000 نجحت وزارة البترول فى مفاوضاتها مع الشركاء الأجانب لوضع حد أقصى لسعر الغاز فى الاتفاقيات البتـرولية عنـد 2.5 – 2.65 دولار / مليون وحدة حرارية بريطانية، وقد كان لهذا النجاح دور كبير فى وضع حد أقصى لتكلفة الغــاز المصــرى المنتج ، وقــد أشارت الدراسات فى هذا الوقت أنه فى حدود 0.65 – 0.70 دولار/مليون وحدة حرارية بريطانية.
• بلغت استثمارات مصنع الإسالة بدمياط حوالى 1.3 مليار دولار ، بينما بلغت استثمارات مصنــع إسالة الغــاز بإدكــو (الوحـدة الأولـى والثانية) حوالى 2 مليار دولار ، وهى استثمارات ضخمة جداً تفوق قدرات قطاع البترول المصرى ، الأمر الذى تطلب مساهمة شـركات عالمية كبرى لديها تقييم ائتمانى عالى بما يؤهلها لتوفير التمويل اللازم لهــذه المشروعات ، بينما اعتمد قطاع البترول والشركات المصرية المنفذة لخط الغاز العربى على تسهيلات ائتمانية ميسرة من الصناديق العربية وبنك الاستثمار الأوروبى ، وفى جميع الأحوال فقد تطلب هذا التمويل وجود عقود طويلة الأجل للتصدير.


الإجراءات التى تم اتخاذها قبل التعاقد على التصدير
• التفـاوض مع الشركاء الأجانب لوضع حد أقصى لسعر الغاز بهدف تحديد تكلفة الغاز لتكون مناسبة لاحتياجات السوق المحلى وكذلك لعقود التصدير ولتحمى مصر من تقلبات الأسعار فى السوق العالمى.
• حساب متوسط تكلفة إنتاج الغاز والتى كانت فى حدود 0.65 – 0.70 دولار/مليون وحدة حرارية بريطانية بهدف وضع حد أدنى مناسب فى عقود تصدير الغاز.
• دراسة الأسواق العالمية المستهدفة وأسعار الغاز بها وتحديد حد أدنى وأقصى لسعر الغاز يحمى قطاع البترول فى حالة انخفاض الأسعار ويحقق أيضاً سعر تنافسى للغاز المصرى فى ظل محدودية الأسواق العالمية فى ذلك الوقت .
• دراسة أسعار الدول المنتجة فى ضوء المعلومات المحدودة المتاحة من خلال الاتصالات مع بعض المستشارين على مستوى العالم.
• الحصول على موافقة مجلس الوزراء على تصدير الغاز وعلى حدود الأسعار المستهدفة للمشروعات المختلفة.
• إعادة هيكلة قطاع البترول وإنشاء الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية لتكون جهة التعاقد إلى جانب الهيئة المصرية العامة للبترول ولتقوم بمتابعة تنفيذ عقود ومشروعات تصدير الغاز سواء مسالاً أو بخطوط الأنابيب .

المعادلة الصعبة لتصدير الغاز
• الغاز الطبيعى - سواء المنتج كغاز مصاحب للزيت الخام أوالمنتج من حقول الغاز الطبيعى المتواجد بمفرده- لا يتم تخزينه عقب عمليات الإنتاج والمعالجة باستثناء حالات خاصة وبكميات محدودة وباستخـدام تقنيـة مكلفة ومــن هنـا كان تصريفه بالتزامن مع إنتاجه ضرورة حتمية لضمان استمرار دوران عملية الاستثمار فى مجال الاستكشاف والتنمية للخــزانات الجــوفية الحاوية للغاز الطبيعى مع الأخذ فى الاعتبار أن بدائل تصريف الغاز محددة بالبيع فى السوق المحلـى أو التصديـر فى حالة وجود فائض عن حاجة السوق المحلى.


• ويحقق تصدير الغاز عدة مزايا من أهمها :
* زيادة دخل مصر من النقد الأجنبى فى ظل انخفاض صادرات الزيت الخام، والوفاء بسداد التزامات قطاع البترول نحو الشركاء الأجانب، وكذلك تمويل توفير احتياجات السوق المحلى من السولار والبوتاجاز المستورد من الخارج .
* تكثيف أنشطة البحث والاستكشاف وتنمية حقول الغاز الطبيعى الكبرى المكتشفة وزيادة إنتاجها سواء للوفاء باحتياجات السوق المحلى أو للتصدير .
* تحقيق هدف استراتيجى وهو زيادة احتياطيات مصر المؤكدة من الغاز الطبيعى فى أقل فترة زمنية ممكنة تأميناً لمصادر الطاقة المصرية.
* الاستمرار فى جذب الاستثمارات فى مجال البحث والاستكشاف لزيادة احتياطيات مصر من الغاز الطبيعى وهو ماتحقق فى السنوات التالية .
* وضع مصر على خريطة الدول الجاذبة للاستثمارات الكبرى الأمر الذى انعكس على جذب الاستثمارات فى قطاعات أخرى بخلاف قطاع البترول والغاز.


السوق العالمى للزيت والغاز خلال الفترة 2005-
2007
• خلال الفترة 2005-2007 شهدت الأسواق العالمية للزيت الخام والغاز الطبيعى زيادة غير مسبوقة لتقترب أسعار الزيت الخام تدريجياً من 100 دولار / برميل بنهاية عام 2007، بينما زادت أسعار  الغاز  الطبيعى وشهدت قفزات كبيرة خلال عام 2005 ولتستمر أسعار الغاز الطبيعى فى تذبذبها لتصل إلى 10 دولار/مليون وحدة حرارية بريطانية بنهاية عام 2007 وذلك فى أوروبا بينما استقرت حول 7-7.5 دولار/مليون وحدة حرارية بريطانية فى السوق الأمريكى (مع الأخذ فى الاعتبار أن هذه المؤشرات خاصة بالشحنات الفورية وأن أسعار الغاز مازالت ترتبط بعقود طويلة الأجل )، وتميزت أسواق الغاز الطبيعى خلال عام 2007 بعدم الاستقرار حيث تراوحت الأسعار فى أوروبا على سبيل المثال بين 3.5 دولار إلى 11 دولار/مليون وحدة حرارية بريطانية.
• التطور فى سوق الغاز الطبيعى وزيادة الطلب عليه، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب من أهمها :
- ظهور الغاز الطبيعى كبديل حقيقى للمنتجات البترولية فى مجال توليد الكهرباء، بالإضافة إلى زيادة الطلب العالمى على الطاقة بشكل عام وبمعدلات غير مسبوقة نتيجة للطفرة فى معدلات النمو الاقتصادى فى الصين والهند .
- زيادة الطلب عالمياً على الغاز الطبيعى فى بعض الصناعات المرتبطة به مثل الأسمدة والبتروكيماويات والحديد والصلب والميثانول .
- التطور التكنولوجى الكبير فى مجالات إسالة الغاز ونقله مسالاً  وتحويله للحالة الغازية .
- على الرغم من الزيادة الكبيرة فى أسعار الزيت الخام إلا أن أسعار الغاز الطبيعى لم تزيد بنفس القدر .
- المتطلبات البيئية وتفعيل اتفاقية كيوتو .
• على الرغم من التطور الكبير الذى شهدته أسواق الغاز الطبيعى وأسعاره وبداية تحول السوق لتقترب فى شكلها من سوق الزيت الخام من حيث الشحنات الفورية (spot cargoes) وتخفيض مدة العقود، إلا أن بنود التعاقد فى عقود تصدير الغاز لم تكن بالمرونة الكافيـة لاستيـعاب التطـور الكبــير فـى الأسـواق العالمية للطاقة، بل كانت فى معظمها جامدة لا تسمح بالتغيير حيث أنه لم يكن من المنظور حدوث هذا التطور الهائل فى الأسواق العالمية، وقد نشأ عن ذلك عدة خلافات بين الدول المصدرة والمستوردة منها على سبيل المثال لا  الحصر عقود بيع وشراء الغاز التالية :
* روسيا وأوكرانيا                 * الجزائر وأسبانيا
* روسيا وفرنسا                    * الجزائر وفرنسا
* إيران وتركيا                      * تركمنستان وإيران
وهذه الدول اصطدمت كما سبق الإشارة بالتغير الكبير فى الأسواق العالمية للطاقة والذى لم يصاحبه المرونة الكافية فى العقود الموقعة .
• بدأ قطاع البترول المصرى بالفعل جهود مماثلة منذ عام لإعادة التفاوض حول عقود التصدير وبالفعل نجحت هذه الجهود فى تعديل عقود بيع وشراء الغاز الطبيعى لصالح الجانب المصرى وزيادة أسعار التصدير، وذلك مع شركتى يونيون فينوسا الأسبانية وجاس دى فرانس الفرنسية، وهى تمثل المرحلة الأولى من المفاوضات حيث يجرى الآن المراجعة الدورية لباقى عقود تصدير الغاز، وفى ضوء الأسعار السائدة حالياً والمتوقعة فمن المقدر أن تحقق التعديلات التى تمت حتى الآن عائدات إضافية إجمالية لمصر تصل إلى حوالى 230 مليون دولار حتى نهاية 2007/2008، ويقدر اجمالى العائدات الإضافية المتوقعة خلال الفترة المتبقية من التعاقد بحوالى 18 مليار دولار ، ومن خلال هذه التعديلات من المتوقع أن يرتفع متوسط سعر تصدير الغاز المسال المصرى ليصل إلى حوالى 6 دولار/مليون وحدة حرارية بريطانية خلال عام 2008 فى حالة استمرار الأسعار العالمية عند مستوياتها الحالية .
حصة مصر وصادرات الغاز


• بلغ اجمالى إنتاج الغاز الطبيعى من الحقول فى مصر حوالى 2135 مليار قدم مكعب خلال عام 2007 ، تم توجيه حوالى 1519 مليار قدم مكعب منها للوفاء باحتياجات السوق المحلى بنسبة 71.2% يستخدم منها حوالى 168 مليار قدم مكعب لعمليات الرفع والحقن بالغاز فى الحقول واستخلاص مشتقات الغاز، وتم توجيه حوالى 615 مليار قدم مكعب للتصدير بنسبة 28.8%.


• بلغت حصة مصر فى اجمالى الإنتاج عام 2007 حوالى 57% ، وبلغت حصة استرداد النفقات حوالى 24% ، وحصة الشريك الأجنبى حوالى 19% .


• ويتبين من ذلك أنه لا يتم تصدير الغاز من حصة مصر ، ولكن يتم التصدير من حصة استرداد النفقات وحصة الشريك الأجنبى التى يتم شرائها بسعر 2.65 دولار /مليون وحدة حرارية بريطانية كحد أقصى طبقاً للاتفاقيات البترولية السارية حالياًً ، فى حين يتم تصديرها بحوالى 4.65 دولار / مليون وحدة حرارية بريطانية ، طبقاً لمتوسط سعر التصدير خلال عام 2007 ، وبذلك يتحقق مكسب لقطاع البترول المصرى يصل إلى حوالى 2 دولار / مليون وحدة حرارية بريطانية ، أى أن قطاع البترول نجح فى الحصول على حصة الشريك الأجنبى بسعر تفضيلى تم تثبيته عندما يعادل سعر الخام 22 دولار / برميل فى حين أنه تم إعادة بيع هذه الكميات بالأسعار العالمية بما يحقق عوائد متميزة لمصر مع الاحتفاظ بحصة مصر للوفاء باحتياجات السوق المحلى ، كذلك يقوم الشريك الأجنبى فى بعض العقود، كما هو الحال فى إدكو ، بتصدير حصته مباشرة .


نتائـج الدراسـة


• ليس المهم اكتشاف احتياطيات جديدة للغاز إنما الأهم تنمية هذه الاحتياطيات من أجل توفير احتياجات الأجيال الحالية من خلال حقول الغاز التى يتم وضعها على التنمية وأيضاًً احتياجات الأجيال القادمة من خلال زيادة حجم احتياطيات الغاز ، وقد ساهم قرار تصدير الغاز المصرى مساهمة ايجابية فى سرعة تنمية حقول الغاز ومضاعفة الإنتاج.


• تصدير الغاز أوجد حافزا قوياً للشركات العالمية العاملة فى مصر لتكثيف أنشطة البحث والاستكشاف وبالتالى مضاعفة الاحتياطيات من 36 تريليون قدم مكعب إلى أكثر من72 تريليون قدم مكعب .


• تصدير الغاز الطبيعى ليس بدعة أو اختراع مصرى حيث أن هناك العديد من الدول المنتجة مثل روسيا وقطر وإيران وبروناى وتركمنستان وكندا واستراليا والنرويج وهولندا وغيرها تقوم بتصدير الغاز وفقاً لتعاقدات طويلة الأجل وعلى أساس المؤشرات الموجودة بالأسواق العالمية وهى نفس القواعد التى يتبعها قطاع البترول فى تسعير صادراته من الغاز .


• وضع حد أقصى لسعر شراء الغاز من الشريك بالاتفاقيات البترولية عند 2.50-2.65 دولار / مليون وحــدة حــرارية بريطانية حقق معادلة اقتصادية متميزة لمصر حيــث حقق هذا التعديل منذ تطبيقه فى يوليو 2000 حتى نهايــة ديسمبر 2007 وفراً بلغ حوالى 13.5 مليار دولار كان يجب أن يقوم قطاع البترول بسدادها للشركاء الأجانب فى حالة عــدم تعديل الاتفاقيات ، ومن المنتظر أن يتحقق وفر خلال السنوات الخمـس القــادمة يقـدر بحــوالى 30 مليـار دولار أخــرى.


وتعتبر هذه التعديلات هى حجر الزاوية لتصدير الغاز الطبيعى فى مصر، حيث أنه لم يكن من الممكن توقيع أى عقد لتصدير الغاز بدون حساب دقيق ومؤكد لتكلفة شراء الغاز من الشريك خلال العشرين عاماً التى تلى توقيع العقد، حيث تضمن الاتفاقيات المعدلة وضع حد أقصى لسعر الغاز المشترى من الشريك (2.5-2.65 دولار) وبما يتوازن مع الأسعار التى تم  الاتفاق عليها لتصدير الغاز للخارج .


• بدون نتائج الأعمال التى حققها قطاع البترول والغاز فى مجال البحث والاستكشاف وزيادة الاحتياطيات والإنتاج لم يكن من الممكن أن تضع وزارتى الكهرباء والصناعة خططها لتحقيق معدلات نموتصل إلى10% سنوياً ، هـذا بالإضافة إلى تغطية احتياجات باقى قطاعات الــدولة المتــزايدة من المنتجــات البتــرولية والغــاز الطبيعـى والتى بلغـت قيمتهـا بالأسعـار العالمية حوالى 22 مليار دولار فى عام 2006/2007، بالإضافة إلى نجاح قطاع البترول فى تحمل قيمة دعم المنتجات البترولية والغاز الطبيعى من صافى عائداته ، حيث من المتوقع أن تصل قيمة الدعم إلى حوالى 60 مليار جنيه خلال العام المالى الحالى.


• التعديلات التى تمت أو الجارى إدخالها على أسعار عقود تصدير الغاز هى قيمة مضافة لهذه العقود وليست تعديلات لأسعار منخفضة حيث أن تعديل الاتفاقيات البترولية بوضع حد أقصى لتكلفة شراء الغاز من الشريك الأجنبى كان من شأنها تحقيق اقتصاديات جيدة ومتوازنة لعقود تصدير الغاز الموقعة .


29‏/08‏/2011

الفريق فاضل: لا صحة عن تخصيص أموال قناة السويس لرئاسة الجمهورية

المصدر اليوم السابع



صرح الفريق أحمد على فاضل، رئيس هيئة قناة السويس، أنه لا صحة لِما نُشِر مؤخراً فى عدد من الصحف والمجلات، وما أُذيع فى بعض القنوات التليفزيونية عن توريد جزء من حصيلة عائدات قناة السويس لمؤسسة الرئاسة، وهو كلام عارٍ تماماً من الصحة.

وأضاف، أن رسوم عبور القناة بالعملات الأجنبية يتم توريدها يومياً إلى البنك المركزى عن طريق البنوك المعتمدة والمملوكة للدولة وهما البنك الأهلى، وبنك القاهرة، وإيداع ما يقابلها فى حساب هيئة قناة السويس بالبنك المركزى المصرى، مشيرا إلى أنه يتواجد بالهيئة جميع الأجهزة الرقابية، ومن بينها الجهاز المركزى للمحاسبات من خلال مراقبة حسابات خاصة بالقناة تسمى "مراقبة حسابات قناة السويس" تقوم بمراقبة العمل على مدار 24 ساعة.
وأضاف، بحسب بيان صادر من مكتب الصحافة والإعلام برئاسة طارق حسنين اليوم، الأربعاء، أن قطاع الموازنة العامة للدولة يطلب من هيئة قناة السويس سداد تقديرات إيرادات الموازنة المعتمدة إلى وزارة المالية وفقاً لبرنامج شهرى على دفعات أسبوعية، حتى يتسنى لوزارة المالية تحقيق التدفقات النقدية اللازمة وتوريد صافى إيرادات القناة إلى وزارة المالية فى ثلاثة أشكال، ضرائب داخلية بنسبة 40% يتم توريدها لمركز الممولين بمصلحة الضرائب، وإتاوة حكومة مقدارها 5% يتم توريدها للإدارة المركزية للحسابات المركزية بوزارة المالية، وهى نوع من الضرائب التى تفرض على الجهات التى تحقق عائدات من الثروات الطبيعية بباطن الأرض [كالبترول والمحاجر] ومن بينها قناة السويس، ولا علاقة لمسمى هذه الضريبة بالمعنى الشائع لكلمة "الإتاوة".

أما المتبقى من إيراد القناة ويبلغ 55% من الدخل، يتم تسديده للإدارة المركزية للحسابات المركزية تحت اسم [الفائض]، وبنهاية السنة المالية يتم مراجعة الميزانية والحسابات الختامية [الإيرادات، والمصروفات] من الجهات الرقابية متمثلة فى الجهاز المركزى للمحاسبات والإدارة المركزية لختاميات الهيئات الاقتصادية بوزارة المالية واعتمادها من مجلس الشعب.

وتتمثل مصروفات الهيئة فى الأجور والمرتبات ومصروفات التشغيل والصيانة، وكذلك مشروعات التطوير ويتم تقدير إيرادات ومصروفات هيئة قناة السويس بناء على دراسات أجهزة متخصصة فى هيئة القناة لإعداد مشروع موازنة الهيئة، ويتم مناقشتها بالإدارة المركزية لموازنات الهيئات الاقتصادية بوزارة المالية، ولجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب، ويتم اعتمادها ويصدر بها قانون يحدد جملة الموازنة والاستخدامات الجارية والإيرادات والتحويلات والفائض الذى يؤول إلى الدولة [القانون رقم 90 لسنه 2009 بربط موازنة هيئة قناة السويس للسنة المالية 2009/2010– الجريدة الرسمية العدد/ 22 تابع "ب" فى 28 مايو 2009].

وأشار فاضل إلى أن هيئة قناة السويس بما لها من تاريخ نضالى حافل وعطاءٍ وطنى لا ينكر وقت الحرب والسلم، حريصة كل الحرص على مقدرات شعب مصر العظيم، ورغم الظروف الصعبة التى مرت بها البلاد ظلت قناة السويس برجالها المخلصين تعمل ليل نهار لتكون خير مُعينٍ لمصرنا الحبيبة على تجاوز محنتها ولتبقى على الدوام داعماً
أساسياً للتنمية والاستقرار.

عصام شرف واستمرار للغباء الاعلامى المصرى

وليد طوغان

يرى د. عصام شرف أن أسباب فتنة إمبابة تكمن فيمن حققوا مصالح ضخمة فى الماضى ويريدون الحفاظ عليها . أحال رئيس الوزراء أحداث إمبابة، إلى "فلول النظام السابق" ونسى نفسه، أو نسى حكومته التى كانت سببا بشكل أو بآخر، ولو ظلت حكومة شرف على وضعها، فسوف تتسبب فى مشاكل أكثر، وأزمات عدة، دون أن تتوقف على الإحالة إلى "الفلول" و"الأذناب". 

فكرة الإحالة إلى "الفلول" لم تعد منطقية، فقد وصلنا للمرحلة التى لن يكفى فيها تعليق أسباب أزماتنا الاجتماعية على شماعة أخرى، فالنظام السابق كله فى السجون، بينما الحكومة ضعيفة، ويدها قصيرة، وهى التى أسقطت هيبة الدولة، فأشعل بعضهم الشارع بدعوى "الشرعية الثورية"، وطغى آخرون على المجتمع بدعوى "حرية العقيدة ". 

بالشرعية الثورية، ركب كثيرون على أحداث يناير، وغطوا نفسهم بها، وتلفحوا، ثم غيروا ملابسهم، وصبغوا شعورهم، بدعوى الإصلاح، ولما قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض قالوا إنما نحن مصلحون. 
ساعدت حكومة شرف أيضا فى تفكيك "هيبة الدولة" تحت مسميات الثورية، والحرية، فانفرط العقد، وتصاعدت أحداث كثيرة، كانت الطائفية جزءا منها. 

شرف الذى جاء إلى كرسى الوزارة بمظاهرة، هو الذى أقر قانونا لمنع الاعتصامات، وهو نفسه الذى ذهب إلى قنا ليبارك خروجا شديدا على القانون بالمظاهرات والاعتصامات، مطالبا الأهالى هناك بالعفو! 

فى اجتماعه الأخير برؤساء تحرير الصحف، قال شرف إن الوضع الأمنى غير جيد، وقال أيضا ما معناه أن ثقافة المجتمع فى حاجة إلى مزيد من الوعى، وعول على الإعلام للخروج من الأزمة فيما بدى أنه عتاب، وكان كلاما صحيحا، رغم أن شرف لا ذكر " الفلول"، ولا تكلم عن الأذناب فى اجتماعه هذا. 

ليس دفاعا عن النظام السابق، لكنها دعوة للنظر إلى الأمام، فالوقوف على أسباب المشكلات، هى نصف الطريق للحلول. أزمة إمبابة طائفية بامتياز، وتحدى الطائفية بين المصريين فى حاجة إلى مزيد من الوعى، الطائفية خلل اجتماعى، لا يمكن إنكاره، ولا التغطية عليه. 
كثير من فئات الشارع نفذت إليهم الطائفية من أكثر من باب، وساعدتهم الحكومة، ومراهقة الإعلام بإطلاق رموز "التطرف الدينى" من السجون، وتحويلهم إلى أبطال على شاشات الفضائيات بحجة " عدم الحجر على الآراء والتوجهات" بعد يناير .. وكانت خطيئة كبرى. 

فى اجتماعه الأخير، ناشد شرف الإعلام المساعدة، لكنه لم يلفت النظر إلى أن الإعلام الذى تملق نظام مبارك، تحول إلى تملق كل ما يحدث باسم "الثورة" فوقع فى نفس الآثام ونفس خطايا الماضى. 

دافع الإعلام عن " البلطجة " وأرجعها إلى "كبت" الثلاثين عاما الماضية، ودافع عن "الافتئات على القانون"، وعلقها على شماعة "الفترة الانتقالية"، ودافع عن "رؤوس التطرف" بحجة إبراز الرأى الآخر، والإعلام الذى لفت الانتباه إلى عودة الإنتاج فى اليابان إلى ما كان عليه قبل التسونامى الأخير، هو نفسه الذى برر توقف المصريين عن العمل بحجة أنها "فترات تأمل وإعادة ترتيب أوراق". 

استخدم الإعلام حيلا مشابهة لحيل د. شرف، الإعلاميون كالوا بأكثر من مكيال، بينما هرب رئيس الوزراء من الحقائق، ودفع بمسئولية "فلول السابق" عن أحداث الحاضر، رغم أن "الفلول" محبوسين، وأهل الحاضر طلقاء. 

لا يكفى وصف البعض أنفسهم بموالاة "الثورة"، حتى نقتنع بصدق النوايا، كما لا تكفى الإشارات المستمرة إلى "الفلول"، لنظن أننا اقتربنا من أسباب أزماتنا، وحلول مشكلاتنا، لا تكفى تأكيدات د. شرف، من آن لآخر، على أن الحكومة ليست ضعيفة حتى نصدق، ولا تكفيه الإشارات المستمرة إلى أفعال "الأذناب" حتى نهدأ ونستقر، ونقر عينا، أزماتنا لن يحلها إلا نحن، والطائفية مرض اجتماعى لا يواجه إلا بحزم .. ويد قوية، لكن يد الدولة "رخوة

محاولة للفهم : لماذا يناير 2011 بالذات؟

بقلم م/أحمد سرحان

بعد أن بات متداولا في كثير من التقارير والتحليلات عالميا و عربيا  أن مجموعات متعاونة مع الولايات المتحدة كانت وراء قيادة أحداث يناير و فبراير 2011 في اطار استراتيجية الفوضى الخلاقة، واسقاط النظام المصري الغير متعاون بالشكل الكافي و المستقل بشكل كبير عن الارادة الأمريكية في اطار خريطة الشرق الاوسط الجديد، وخصوصا تدريبات أكاديمية التغيير في لندن والدوحة وتخطيط المنظمة الدولية للأزمات و تمويل الصندوق الوطني للديموقراطية وغيرها بالاضافة الى تدريب جماعة أوتبر في صربيا مدرسة الثورات الملونة في العالم كما جرى في جورجيا و أوكرانيا و بورما وقرقيزيا وايران (التي فشلت)، ضمن خطة واشنطن الاستراتيجية طويلة المدى للعالم الإسلامي من شمال افريقيا وحتى الخليج العربي وصولاً إلى الشعوب الإسلامية في آسيا الوسطى على حدود الصين وروسيا، الا أننا – وبغض النظر عن الأسباب الداخلية سياسيا و اقتصاديا والتي أوصلت الى 25 يناير وسوء ادارة الأزمة من قبل النظام السابق - لا ننكر أن أطيافا من المصريين تجاوبوا اقتناع مع دعوات التظاهر و شعاراتها خصوصا بعد سقوط الشرطة المصرية وغياب الأمن
و لكن بما أنه لا وجود لقانون الصدفة في ملعب السياسة، يبقى السؤال الأهم:
لماذا يناير 2011 بالذات؟

ان أي محاولة لفهم ما حدث ويحدث في مصر بمعزل عن محيطنا الاقليمي وموقعنا في العالم ستستند الى نظرة قاصرة ومحلية وضيقة للغاية، بل وساذجة أيضا. تكفي مراجعة سريعة لحجم التغطية الاعلامية والاهتمام الشديد من كل القوى الدولية لما جرى في مصر لنعرف الأهمية الاستراتيجية والدور المحوري الذي تلعبه و تمثله مصر في الخريطة العالمية في الحاضر والمستقبل.

ان انتفاضة كهذه لو قامت مع انتخابات الرئاسة 2005 مثلا لما استجاب لها الشعب ولما كتب لها أي نجاح. ولم يكن ايضا لدى الاخوان القدرة او الرغبة في الانضمام اليها. لماذا اذن قامت في هذها التوقيت بالذات؟ ماذا لو قامت مع انتخابات الرئاسة في 2011؟

انتخابات الرئاسة 2011 كانت ستسير وفق أحد 3 سيناريوهات لا رابع لها:
1.     ترشيح الرئيس مبارك لفترة سادسة وفي سن ال 82
2.     ترشيح جمال مبارك
3.     ترشيح شخصية وطنية ذات خلفية عسكرية و قبول واسع في الشارع ومن خارج الحزب الحاكم مثل عمر سليمان أو أحمد شفيق، أو رئيس الوزراء أحمد نظيف كشخصية اقتصادية يتم تسويقها للشعب كأول رئيس مدني لمصر.

الخياران 1 و 2 سيجعلان قيام انتفاضة شعبية قد تصل الى حد الثورة احتمالا واردا وبشدة. سيكون من السهل كثيرا حشد المصريين ضد ترشيح الرئيس مبارك حيث سيخرج ضده كل معارضيه و سيتخلى عنه كل مؤيديه اثناء الانتخابات لأن ترشحه بالفعل وفي هذه السن لن يكون مقبولا. عندها، ستكون الأعداد بالفعل غفيرة و لن يحتاج الفعل الثوري لكي ينجح الى تكلفة باهظة مثل التي تكبدتها مصر في يناير 2011 من مهاجمة أقسام الشرطة والسجون وتدمير قوى الأمن حتى انسحابها وتدخل المسلحين والقناصة من جماعات ارهابية (وتهريب رفاقهم من السجون الى خارج مصر) بالاضافة الى الشلل التام الذي أصاب الاقتصاد والفوضى التي تلت تنحي الرئيس ومازالت مستمرة.

 كانت تكلفة باهظة ولعبة خطرة أشبه بالمقامرة. من كان يراهن على "حياد" الجيش بل و وقوفه ضد قائده الأعلى و آخر أبطاله التاريخيين؟ قبل يناير 2011، كان الجميع ايضا على يقين من أن واشنطن ترى في مبارك واحدا من أهم حلفاءها. كان أكثر الناس شططا في الأحلام لا يتخيل أبدا أن يخرج الرئيس الأمريكي بعد ايام قليلة من بدء المظاهرات يضغط على مبارك ليتنحى، بل وتعلن ادارته انها ترى تعيين نائب للرئيس خطوة "غير كافية". حتى عندما صرح مبعوثه الى القاهرة السفير فرانك ويزنر أن بقاء الرئيس مهم للانتقال السلمي والديموقراطي للسلطة، قوبل فورا بهجوم شديد واستنكار صريح و أنه لا يمثل الا نفسه وأنه لم يكن مبعوثا للخارجية الأمريكية الى مصر!

والأخطر من ذلك كان ارسال البارجة الحربية يو اس اس كيرسارج وعليها 1893 جندي مارينز الى قناة السويس و تواجدها في البحيرات المرة أمام الاسماعيلية تحت غطاء اجلاء الأمريكيين، في حين أن مهمتها الأساسية ضمن قوات الناتو تتمثل في عمليات الانزال. كان تدخلها تأكيدا على التواجد الامريكي العسكري تحت أهبة الاستعداد للسيطرة قناة السويس و التي تمثل الممر الملاحي الأهم لأكثر 10% من حجم التجارة العالمية. كما أن حاملة الطائرات النووية يو اس اس انتربرايز احدى قطع الاسطول السادس تحركت في البحر المتوسط قبالة السواحل المصرية. بالاضافة الى تقارير عن رفع حالة الاستنفار في الجيش الاسرائيلي في استعداد للتدخل في سيناء - في تهديد صريح للنظام و الدولة المصرية بل وربما اعادة لانتاج أزمة السويس 1956 !!

أقتبس هنا من طارق الحميد في الشرق الأوسط: "واشنطن صرحت بقرابة عشرة تصريحات متضاربة في 24 ساعة، كلها متناقضة، مرة تعلن الحياد، ومرة تطالب بالإصلاح، وكأن الإصلاح يأتي في يوم. واشنطن التي نهجت سياسة اليد الممدودة لإيران بينما الأمن الإيراني كان يذبح مواطنيه أمام العالم، رغم كل المناشدات لواشنطن لمساعدة المتظاهرين المقموعين، بل إن قمة نفاق واشنطن هو خوفها على المظاهرات في مصر، وهي لا تحرك ساكنا لما يفعله الإسرائيليون بالفلسطينيين، وهذه قصة تحتاج إلى كتب. أما بريطانيا فيكفي أن نذكر بما حدث في مظاهرات الطلاب، وكيف تصدت الشرطة هنا بقوة لعنف الطلاب، بل مازالت لندن تلاحق من ألقوا البيض على سيارة ولي العهد الأمير تشارلز."

كذلك في حالة اذا كان المرشح هو جمال مبارك فان قيام ثورة شعبية بعد الانتخابات – أو حتى أثناءها - سيكون احتمالا واقعيا وواردا للغاية. سيكون من السهل تجميع الناس من معارضي مبارك الاب و ايضا من محبيه الذين سيجدون حرجا شديدا في قبول الابن لأنهم صدقوا انكار مبارك المستمر ان جمال سيخلفه و تأكيده منذ 2004 ان مصر لن تكون سوريا في اشارة واضحة الى عدم رضاه عن خلافة بشار الأسد لأبيه. اضافة الى ذلك فان موقف المؤسسة العسكرية سيكون بالتأكيد مع جموع الثائرين الغاضبين وسيحسم الأمر سريعا ويسقط جمال بسهولة وبتكلفة اقل كثيرا مما حدث في يناير وفبراير. كما أن موقف القوى الغربية سيكون أكثر وضوحا مع الثوار و ضد جمال الذي ستصوره جميع وسائل الاعلام العالمية أنه رئيس جاء بتزوير ارادة الشعب في انتخابات هزلية لا ترقى لمعاييرهم الديموقراطية، و هو بالتالي "فاقد للشرعية" من اليوم الأول. (وهو ما حدث في كوت ديفوار مؤخرا حيث لم يعترف الغرب بنتيجة الانتخابات وتدخل بالقوة لتسليم السلطة للمعارضة)

ستكون الشرارة أصغر كثيرا لأن وقود الغضب سيكون أكثر وفرة.

الطريق الثالث:
 اذن لماذا تحركوا اليوم و لم ينتظروا؟
الجواب يكمن في أن الخيار الثالث كان هو الاقرب للحدوث بالفعل و أن من يعنيهم الأمر تأكدوا أنه لا الرئيس ولا ابنه سيترشح في انتخابات الرئاسة 2011. كان سيصبح من المستحيل حشد المصريين للثورة على رئيس جديد لم يجربوه بعد خصوصا أنهم سيرون فيه امتدادا لسياسة الاستقرار والأمان التي رسخها مبارك و في نفس الوقت دفعة قوية للتجديد والتحديث والتقدم.

ان الخيار الثالث، وهو ترشح رجل قوي مشهود له بالوطنية، سيعني ضياع فرصة الثورة واسقاط النظام. كان سيعني ضياع سنوات من التدريب والجهد منذ 2006 من اجل اعداد كوادر مصرية شابة وآلة اعلامية جبارة متمثلة في الجزيرة وغيرها تقود ثورة شعبية في اطار استراتيجية الفوضى الخلاقة كما رسمتها كونداليزا رايس. كما كان سيعني استمرار مصر في النمو الاقتصادي بمعدلات 8% سنويا تضمن احتفاظ مصر بموقع الريادة في المنطقة – والتي تنازعها عليه تركيا القوية اقتصاديا والعضو في المنظومة الأمنية والعسكرية الأهم عالميا وهي الناتو في اطار خريطة الشرق الأوسط الجديد . مثل هذه الانطلاقة الاقتصادية التي ستتنتشل مصر من حلقات النمو والانكماش المتواصلة منذ عقود ستشبه في قوتها و تأثيرها انطلاق صاروخ الفضاء و هروبه من قوة الجاذبية الأرضية.

ولأنني أعتقد أن هذا الطريق الثالث كان هو الطريق الوحيد الواقعي في انتخابات الرئاسة 2011 وأن ما سمي بالتوريث كان مجرد وهم، كان التصرف الأول لمبارك في الأزمة هو تعيين سليمان نائبا له. الطريقة والسرعة التي تم فيها الاعلان عن تعيين النائب رغم امتناع مبارك طوال 30 عاما عن اختيار نائب للرئيس، تدل على أنه كان خيارا متاحا تمت دراسته و الاتفاق عليه منذ زمن وليس مجرد قرار عشوائي للقفز على الأزمة. وبالتأكيد، اعتبرت الادارة الأمريكية هذا القرار "خطوة غير كافية" مطالبة بخطوات أخرى للانتقال الفوري للسلطة.

ومع تصاعد الحديث عن مسألة الخلافة في مصر في دوائر صنع القرار في واشنطن والدول الغربية، لم تبد القاهرة أي تأكيدات بشأن من سيخلف مبارك سوى الاشارة الى أن الحزب الحاكم سيختار مرشحه في مؤتمر عام في يوليو 2011. في اعتقادي أن مجموعة العمل الخاصة بمصر في الادارة الأمريكية كانت متفقة على أنه لابد أن يخلف مبارك رئيس ضعيف يحقق لهم أهدافهم في الشرق الأوسط، ولا بأس من اشعال ثورة ضده فيما بعد ضمن استراتيجة الفوضى الخلاقة. فريق منهم كان يرى أن جمال يعتبر خيارا مناسبا لمصالحهم وفي نفس الوقت ليس بالشخص القوي الذي يستعصي عليهم أو يتمتع بالولاء الكامل والتأييد من الجيش. الفريق الآخر كان يرى أنهم يريدون رئيسا أضعف من جمال وتحت السيطرة الكاملة – وليس التأييد- من المؤسسة العسكرية بما يشبه النموذج الباكستاني. ربما يكون مبارك ترك الأمر بلا حسم من أجل هذا بالذات ومن أجل تأجيل "الثورة" التي أنفق من أجلها الأمريكيون الكثير. ولكن عندما تأكد أن الرئيس القادم لن يكون كما تمنوا، تم التعجيل بها

انتقال سلمي للسلطة، ولكن؟
طوال تاريخ مصر الحديث، كان انتقال السلطة يتم سلميا وان كان دائما النظام الجديد يتسلم البلاد في حالة انهيار اقتصادي وضعف شامل. كانت العقود الثلاثة الماضية هي الأطول في تاريخ مصر منذ عصر الفراعنة والتي كان كامل التراب المصري فيها محررا ولم تدخل الدولة في اي صراعات عسكرية. كان لابد ان لا يتم انتقال السلطة سلميا الى الرئيس الجديد ومصر في وضع قوي اقتصاديا. عندما قامت ثورة يوليو 1952، استلم الضباط الأحرار الحكم سلميا من الملك بدون اراقة دماء، ولكن كانت الدولة في حالة انهيار اقتصادي وأمني شامل و خارجة للتو من هزيمة عسكرية منكرة في حرب فلسطين وتحت احتلال بريطاني مسيطر على قناة السويس. صعد بها عبدالناصر سريعا، حتى تم اسقاطه في 67 ثم انتقلت السلطة سلميا لخليفته السادات و البلاد تعاني من هزيمة عسكرية مهينة و انهيار اقتصادي واحتلال أغلق قناة السويس. ولكن السادات عبر بمصر وانتصر في 73 حتى تم اغتياله و تسلم مبارك البلاد منهارة اقتصاديا تئن تحت وطئة الديون وأرض مازالت محتلة و سلام مهدد بعدم الاكتمال  بالاضافة الى المقاطعة العربية التي عزلت مصر تماما عن محيطها و منطقتها - في وضع يشبه كثيرا الوضع المخطط لمصر اليوم في اطار الشرق الأوسط الجديد: منعزلة و ضعيفة. كان انتقال السلطة دائما سلميا و سريعا، ولكن الدولة ضعيفة منهارة.
لو تمت انتخابات 2011 كما هو مقرر وانتقلت السلطة سلميا و دستوريا لرئيس جديد منتخب قوي يحظى بالشعبية وتأييد المؤسسة العسكرية وولائها، فانها ستكون المرة الاولى منذ عقود طويلة التي تنتقل فيها السلطة ومصر لا تعاني من:
-       احتلال لأجزاء من أراضيها
-       أو حالة صراع عسكري أو عداء مع دول الجوار
-       أو ضعف اقتصادي
-       أو عزلة عن محيطها العربي والاسلامي
-       أو أزمة في قناة السويس.

كانت ستكون المرة الأولى التي تنتقل فيها السلطة والاقتصاد يحقق معدلات نمو ايجابية وقوية تبشر بانطلاقة تتجاوز بها مصر موقعها كدولة من المرتبة الأدنى بين الدول المتوسطة الدخل الى دولة من المرتبة الأعلى بين الدولة المتوسطة الدخل.
لم يكن هذا في صالح السياسة الامريكية بالمرة، سواء فيما يخص الشرق الاوسط الجديد، أو فيما يخص خرائط العالم وموازين القوى وخطوط التجارة الكونية الجديدة. 
ولكن هل جمال بالفعل لم يكن هو الرئيس القادم؟
للمعرفة الاجابه يرجى 


تونس: التجربة والمحاكاة
كانت تونس هي طاولة التجارب التي أدت نتائجها الى محاكاة نفس السيناريو في مصر. ولدي هنا ملاحظتين:
-       استمرت الثورة التونسية قرابة الشهر. ومع ذلك لم تخرج الادارة الأمريكية بأي تصريح قوي يطالب بن علي بالرحيل كما فعلت مع الرئيس مبارك. وقبل خروج بن علي بأيام قليلة أجرت قناة العربية لقاء مع وزيرة الخارجية الأمريكية في اليمن قالت فيه -اجابة على سؤال مراسل القناة عن عدم وضوح الموقف الأمريكي مما يري في تونس - أن واشنطن تننظر حتى تهدأ المظاهرات لتتحدث مع الحكومة التونسة و تتناقش معها في استخدام القوة المفرطة في قمع المتظاهرين!
-       خروج بن علي جاء بناء على نصيحة من رئيس أركان جيشه بالهروب خارج البلاد قبل أن يصل المتظاهرون المقر الرئاسة – وهو ما اتضح فيما بعد أنه لم يكن صحيحا (بل هناك تقارير تحدثت عن اتفاق قائد الجيش مع السفارتين الأمريكية والفرنسية).

في رأيي أن هذين العاملين كانا حاسمين في تشجيع المصريين على تقليد ما حدث في تونس: ماذا لو أن أمريكا تدخلت بالضغط على بن علي لترك الحكم؟ ربما كان سيرى كثير من المصريين أن الثورة التونسية صناعة أمريكية و أن بن علي سقط بفعل الضغط الأمريكي الخارجي و التدخل السافر الذي لن يقبلوا مثله في شؤون بلادهم. ماذا لو أن الجيش التونسي ساند بن علي؟ ماذا لو أن بن علي كان قد قتل؟ أعتقد أن مقتله كان سيمنع كثيرا من المصريين من الخروج على رئيسهم خوفا من أن تكون هذه هي النهاية. ان خروج بن علي من تونس كان يمثل نهاية سعيدة لثورة سلمية شجعت المصريين على محاكاتها: ثورة نقية، بدون ضغوط خارجية، و خروج سريع للرئيس بدون دماء. بالتأكيد لو أن النموذج السوري أو الليبي بدأ قبل مصر، لما أقدم المصريون على الفعل الثوري في يناير 2011، ولفضلوا الانتظار الى الانتخابات الرئاسية في سبتمبر.

ربما كان السبب الرئيسي وراء غضب التونسيين وخروجهم في المظاهرات هو تواتر التأكيدات عن أن بن علي سيترشح ثانية بعد انتهاء ولايته في 2014 أي بعد أكثر من 3 سنوات، فكان توقيت الثورة عليه اليوم مناسبا. مقارنة بمصر، فان الرئيس مبارك كانت تتبقى في فترة ولايته شهور قليلة فقط. وبالرغم من ذلك، ضغطت واشنطن على مبارك، وصمتت تماما عن بن علي.. كما صمتت قبل ذلك في ايران وصمتت بعد ذلك طويلا في سوريا واليمن والبحرين.

ولكن هناك من كان – في جميع الأحوال - يرفض الانتظار الى سبتمبر!

بالفعل، فان مستعظم النار من مستصغر الشرر... كان الوقود موجودا وان لم يكن بالشكل الكافي، ولكن من الذي أشعل الفتيل؟ ومن الذي صب مزيدا من الزيت على النار و نفخ فيها حتى سقط النظام؟


وتبقى عبارة قالها نائب الرئيس عمر سلميان في فبراير 2011 واثناء لقاءه برؤساء تحرير الصحف، في رأيي، هي الأهم طوال هذه الفترة العصيبة من تاريخ مصر: الطريقة الأولى لانهاء الأزمة هو الحوار، والبديل سيكون الانقلاب .
 وبالفعل...  كان الحل في البديل.


مصادر
  • 1
Special Report: Inside the Egyptian revolution

يرجى الضغض هنا 
  •  2
دور مشروع 'مستقبل التغيير' القطري الأميركي في إشعال الثورات العربية

  •  3
المجموعة الدولية للأزمات، و عضوية البرادعي فيها
 
  •  3
الصندوق الوطني للديموقراطية The National Endowment for Democracy


  •  4
أكاديمية التغيير
يرجى الضغض هنا 1

يرجى الضغض هنا 2
  •  5
تحليل خبير أمريكي: واشنطن أسقطت مبارك لمعارضته خططها في الحربي على ايران
يرجى الضغض هنا


  • 6 يوتيوب
1_ يرجى الضغض هنا لمشاهدة الفيديو

2_يرجى الضغض هنا لمشهادة الفيديو