سلسلة كشف الطرف الثالث الرئـيـس أول لــقــاء الجزء الخامس عشر 🦅 |
محمد عنان - وفقا لمصدر أمنى
Follow @3nan_ma
أول لقاء
بمناسبة مرور خمسة أعوام على ملحمة أكتوبر العظيمة يعقد صالون "سميرة الثقافي" بالزمالك ندوته الأولى تحت عنوان "هكذا تحرك الأبطال" ويحاضر في الندوة الفريق متقاعد "سعيد طاهر" ليحكي لكم عن ذكرياته مع ملحمة العبور العظيم والدعوة عامة"
العنوان: صالون سميرة الثقافي بقاعة برلنت بالزمالك.. قرأ لطيف النص الإعلاني الذي تم نشره في الصحف القومية الثلاث على مسامع الفريق"سعيد طاهر" الذي بدا منتشياً وهو يستمع لـ لطيف ثم لم يلبث أن سأله بقلق: ليه عملت الدعوة عامة مش كان أحسن لو الدعوة اقتصرت على ضيوف محدودين؟
رد لطيف بخبث:
ما تقلقش يا سيادة الفريق الإعلان مكتوب فيه كده لكن الدعوات مقتصرة على ناس بعينها ...
قبل أن يستطرد بابتسامة أكثر خبثاً:
احكي واستفيض زي ما انت عاوز ما فيش حد ها يراجعك
ماتنساش يا لطيف إني كنت وقت الحرب كلها في القاهرة!... یا افندم احكي للناس ذكريات عامة وانت سيد العارفين مافيش حد ها يراجعك بالعكس ها يتأثروا بحكاياتك ويمكن كمان دموعهم تنزل من فرط الوطنية... كان "سعيد طاهر" وعلى الرغم من تركه للخدمة قبل عامين في بداية رتبة الفريق.. إلا أنه بسبب تشابك علاقاته مع قيادات الجيش ورجال الأعمال وقتها قد تولى منصباً مدنياً في رئاسة مجلس إدارة واحدة من كبريات شركات القطاع العام.. وقد أصبح منذ رئاسته لها واحداً من القطط السمان الكبرى في عهد السادات إلا أنه كان يحتاج من حين لآخر لتذكير الناس بأنه ابن الجيش المصري تلك المؤسسة التي باتت بعد حرب أكتوبر مثار الفخر والهيبة لدى المصريين...
وكانت فرصته الكبيرة في ذلك تلك الندوة التي طلبه لطيف للحديث فيها عن ذكريات واهية في أكتوبر لم تحدث في الحقيقة!.. فقد كانت علاقته بالحرب لا تزيد عن متابعته للأخبار وحكايات أصدقائه من اللواءات المقربين الذين حاربوا بالفعل وقتها!... طيب ممكن تديني فكرة سريعه عن الشخصيات اللي ها تحضر عشان ما فيش أى مشكلة تحصل؟
... سيدات المجتمع الراقي بالزمالك هم أغلبية الحضور بالإضافة لفنانين مصريين وعرب وبعض هواة التحف والأنتيكات والفن التشكيلي
زفر الفريق "سعيد طاهر " زفرة ارتياح قبل أن يرد باطمئنان
على خيرة الله
وفى أحد شواطئ سيناء وبرعاية الأمم المتحدة كان الاجتماع الأول للجنة التنسيق الأمني المشتركة بين ضباط جيش مصريين ونظرائهم من إسرائيل للنظر في الأوضاع الحدودية وبعض الأمور الأمنية الأخرى مثار الاهتمام المشترك...
ولم تكد عينا ضابط الموساد "يوسف" تقع على الضابط "عبد الفتاح" في بداية الاجتماع حتى شعر بحنين حارق نحوه.. شعر بأنه ابنه رغم أن فارق السن بينهما وقتها كان في حدود عاماً فقط إلا أن "يوسف" بالفعل شعر نحوه بحنان أبوي!.. ورغم أن هذا الشعور مخالف لأبسط تعليمات العمل في المخابرات إلا أنه لم يستطع كبح جماح حنينه إلى "صنيعة" وهو يراه لأول مرة بشحمه ولحمه متجسدا أمامه بعد أن كانت كل علاقته به عن طريق التقارير فقط.. ورغم أنه كان بالنسبة له مجرد عمل مخابراتي بحت إلا أنه كان يشعر بالفعل بأنه من صنعه.. بل بأنه بالفعل ابنه الذي لم ينجبه...
عشر دقائق مرت كان يتحدث فيها مسئول الأمم المتحدة في بداية الاجتماع عن ضرورة العمل المشترك من أجل إحلال السلام مستقبلاً بين مصر وإسرائيل مثنياً على مبادرة الرئيس السادات الجريئة من أجل السلام.. عشر دقائق كاملة لم يرفع فيها "يوسف" عينه عن "عبدالفتاح " !...
بعدها تلا الرجل برنامج الاجتماع الذي كان يتخلله نصف ساعة مرتين للاستراحة أكد على أنهاء التعارف وإذابة الجليد بين ضباط الدولتين..
دعوني في بداية كلمتي أرحب بكل أبناء العم على أرض سيناء "...
قالها رئيس الوفد الإسرائيلي في نفاق لزج قاصداً بها أمراً خبيثاً وقبل أن يسترسل قاطعه نائب
مدير المخابرات الحربية "خالد حماد":
عفواً... لا ترحيب بنا على أرضنا!
تكهرب الجو فجأة وسرت الهمهمات بين أعضاء الوفدين ليتدخل مسئول الأمم المتحدة محاولاً تلطيف الأجواء قبل أن يعتذر رئيس الوفد الإسرائيلي عما اعتبرها زلة لسان ويستكمل كلمته .. ثم رفعت الجلسة الأولى للاستراحة...
وبينما توجه "عبد الفتاح" لتناول كوب من الشاي على شاطئ البحر حتى لحقه "يوسف".. أرجو ألا يكون حديث قائدي قد ضايقك يا سيد....
قالها "يوسف" بود شديد وهو يناوله ملعقة لتقليب الشاي...
عبد الفتاح السيسي.. ملازم أول عبد الفتاح السيسي.. ولم يضايقني حديث قائدك على العكس ما ضايقني هو حديث قائدي ومقاطعته لكلمة رئيس وفدكم!...
بسعادة بالغة رد "يوسف":
وأنا المقدم "يوسف ميرزا" يبدو أننا سنصبح أصدقاء يا جنرال " عبد الفتاح"... رفع عبد الفتاح حاجبيه بدهشة ممزوجة بالفرح:
-
جنرال ؟!... يا سيدي أنا لا أمتلك إلا نجمتين فقط ؟! ما فيش داعي للسخرية...
صدقني أنا لا أسخر ستصبح جنرالاً رغم أنف الجميع !...
تحللت أساريره وهو يردد:
أنا أتمنى طبعاً إلا أن الجيش زي ما انت عارف ليه كلمته وطريقته في اختيار الرتب العالية
يا جنرال يوماً ما سنقود الجيش المصري كله .. أعدك! أدهشته لهجة الثقة التي يتحدث بها يوسف فلم يرد وإنما ظل يتلفت حوله بقلق ولكنه سرعان ما اطمأن قليلاً حينما وجد ضباطاً أخرين انخرطوا في أحاديث جانبية مع نظرائهم الإسرائيليين فأكمل سيره مع "يوسف" على شاطئ البحر
تعدني؟!
سأله بلهجة تمتلئ بالدهشة فعاجله "يوسف":
ألم أقل لك إننا سنصبح أصدقاء؟ أنا لا أصادق سوى القادة العظام وستصبح منهم! انخرطا بعدها في حديث طويل استهلك وقت الاستراحة بالكامل فعادا أدراجهما مرة أخرى إلى مقر الاجتماع ليستأنفوا الجلسة الثانية.. وغير بعيد عنهم كانت هناك عين فاحصة تراقبهما بدقة وحذر...
انقضى اليوم الأول في تفاهمات وتعارف بين ضباط اللجنة المشتركة وتم تحديد موعداً لاجتماع آخر مع وعد بأن يصبح دورياً..
انتهى الفريق متقاعد "سعيد طاهر" من سرد ذكرياته الكاذبة عن عملياته الوهمية في معركة العبور والتي أسالت الدموع في أحداق سيدات الحي الراقي وألهبت مشاعر الفنانين وباقي كما كان الجميع يتابعه بانبهار شديد.. وطبعاً لم ينس أن يثني فيها على عبقرية القرار الصعب لبطل الحرب الرئيس المؤمن أنور السادات ويسبغ عليه صفات القائد الفذ الملهم.. وما إن أنهى حديثه حتى قامت بعض السيدات في استئذانه في التصوير معه بفرح شديد وانبهار تام...
قدموا بعدها الشكر للطيف وزوجته على تلك الأمسية الرائعة التي وفرها لهم وطلبوا منهما أن تستمر الندوات الثقافية للمشابهة لتلك التي أمتعتهم بالتأكيد... رد لطيف عليهم بعبارات المجاملة للمعتادة وتركهم مع زوجته قبل أن ينفرد ، "سعيد طاهر" في مكتبه الملحق بقاعة الندوة
الندوة كانت هايلة والناس انبهرت بيها
صحيح؟
رد لطيف بلهجة تحمل مسحة ساخرة:
طبعاً.. دا أنا نفسي صدقت بطولاتك في أكتوبر
زجره "سعيد" بنظرة حادة فاستطرد في ود:
عاوز حضرتك بقى ترشح لى شخصيتين ثلاثة من أصدقاءك لباقي ندوات أكتوبر مع بعض الأصدقاء زي ما اتفقنا.. لكن إيه الهدف من كل ده؟
أكيد... هابقى أقولك
احنا بنحاول تعريف الناس الدور القوي للحيش في تحرير البلد والحفاظ عليها...
قالها لطيف بجدية قبل أن يستطرد بخبث وهو يغمز بعينه:
وطبعاً دا دور قوي يعطي أولوية لقياداته في تولي مواقع المسئولية المدنية بعد انتهاء خدمتهم.. مش كده والا إيه؟...
مفهوم، مفهوم
قالها "سعيد طاهر" وهو ينظر عبر زجاج باب المكتب باتجاه الحضور الذين كانوا ما زالوا يتفحصون بانبهار شديد تلك الصور الفوتوغرافية التي تم تعليقها في أنحاء الجاليري والتي التقطت جميعها من على خط المواجهة الحربية في أكتوبر ...
انقضت عدة شهور التزم فيها "عبد الفتاح" بحضور اجتماعات اللجنة وتوطدت فيها علاقته بالضابط الإسرائيلي "يوسف" الذي بدأ يشعر نحوه بكونه أحد أقاربه!.. بالإضافة إلى إعجابه الشديد بشخصيته المخابراتية وحبه الشديد لموطنه الأصلي "مصر" كما روى له... كان "يوسف" قد حصه في تقرير اللجنة إلى مسئول الأمم المتحدة بصفات ليس لها وجود فيه في الحقيقة.. قال عنه إنه ضابط عنيد وذكي وقوي الشخصية.. وأكد في تقريره النهائي أنه أذكى ضابط في اللجنة المصرية.. وبالطبع وصل التقرير إلى القيادة المصرية التي كان لها تصرف آخر معه...
مبروك يا سيادة النقيب... مش عارف أبارك لك على الرتبة الاستثنائية والا على النقل للمخابرات الحربية
قالها قائد وحدته بفرح مصطنع وهو يوقع له قرار إخلاء طرفه بعد أن صدرت نشرة النقل والترقيات وتضمنت اسمه مصحوباً بلقب (نقيب) قبل عام كامل من استحقاقه لها!.. والأهم أنه كان معها قرار بنقله فوراً إلى إدارة المخابرات الحربية!
الله يبارك فيك يا افندم.. هتوحشني الأيام الحلوة اللي قضيتها مع سيادتك
احنا كمان ها توحشنا أيامك وخصوصاً الكانتين..
قالها الرجل وهو يغمز له بعينه غمزة ذات معنى فابتسم له في ود زائف وهو يرد:
صحيح... لكن أكيد دلوقت عند حضرتك عساكر قادرين يرجوا نفس الأرباح بعد ما علمتهم يعملوا إيه؟
طبعاً ... أنا باشكر جهودك الكبيرة في الناحية دي... قالها الرجل بصدق قبل أن يستطرد مبتسماً بخبث:
أتمنى إنك تبقى تفتكرنا في مكانك الجديد
أكيد يا افندم... هو أنا أقدر؟
قالها وتسلم منه إخلاء طرفه من الوحدة قبل أن يهب واقعاً ويستأذنه في الانصراف... كان لا وقت لديه لتلك المعاملات.. فهو الآن مقبل على واحدة من أهم لحظات حياته..
سيكافح من أجل استثمار تلك الفرصة العظيمة التي واتته.. سينفذ توصيات "يوسف" له بالحرف الواحد تذكر الآن علاقته الغير طبيبة باللواء خالد حماد" مدير المخابرات الحربية الجديد وكيف أن كل نظراته له تؤكد أنه لا يحبه ولا يحترمه.. كان قد أفصح لـ "يوسف" في إحدى اللقاءات التي جمعتهم سويا عن مشاعر ونظرات "حماد" تجاهه وكان يوسف قد طمأنه وقتها تماماً بأنه سيستطيع أن يزيح من طريقه أية عقبة مهما كان حجمها!...
غير أن "حماد" نفسه كان قد بدأ يشعر بالعلاقة القوية بينه وبين "يوسف" وخاصة بعدما علم أن يوسف ليس سوى ضابط موساد إسرائيلي.. كانت المعلومة عادية بالنسبة له غير أن الغير عادي كان تكرار لقاءاته الجانبية الدائمة مع الضابط المصري الشاب.. كان حماد حتى هذه اللحظة لم يتوصل لنوع القوة التي تدفع هذا الضابط دفعاً إلى الترقي والوصول رغم كون قدراته الذهنية وخبراته العسكرية لا تؤهله لذلك.. إلا أن شيئاً ما في علاقته بضابط للموساد الإسرائيلي بدأ يوضح له حقيقة وصوله لعضوية اللجنة من الأساس...
إذا فربما كان هذا الضابط بالأساس اختياراً من العدو... هكذا حدث "خالد حماد" نفسه وهو يفكر في الأمر.. وعندما وصل إلى هذا الافتراض امتقع وجهه بشدة.. فلو صحت استنتاجاته سيكون أحد رجال إسرائيل قد تم الدفع به ليكون ضمن صفوف المخابرات الحربية!...
أرسل وقتها في طلب الضابط الجديد "عبد الفتاح" وما إن أدى له التحية حتى أمره بالجلوس قبل أن يعاجله بسؤال مباشر
أخبار اللجنة إيه معاك يا سيادة النقيب؟
كله تمام يا افندم أنا زي ما سيادتك عارف با حضر كل الاجتماعات و...
قاطعه بخبث:
اجتماعات اللجنة والا الاجتماعات البحرية؟!
مندهشاً:
مش فاهم يا افندم؟ أي اجتماعات بحرية تقصد؟!
اللي على البحر مع الضابط "يوسف"
امتقع وجهه بشدة وهو يرد : یا افندم تعليماتكم كانت بعدم رفض التقارب مع الضباط اليهود
أيوة لكن مش كل الاجتماعات تتصاحب فيها على ضابط واحد وتقضي معاه وقت الاستراحة بالكامل
فهم ما يرمي إليه قائده فوعده بعدم تكرار الأمر وانصرف...
وفى الاجتماع التالي تجنب الحديث تماماً مع "يوسف".. واستغل الدقيقة التي ذهب فيها قائده إلى الحمام وناول "يوسف" ورقة مدوناً بها كل ما حدث بينه وبين مدير المخابرات الحربية.. ما إن قرأها حتى هز رأسه في تفهم ونظر له يطمئنه بعينه...
أسابيع قليلة مرت على تلك الحادثة قبل أن تصحو مصر على خبر تحطم طائرة وزير الدفاع المصري "أحمد بدوي ومعه مجموعة من قيادات القوات المسلحة في الصحراء الغربية بعد جولة تفقد فيها المنطقة الغربية العسكرية!...
كان أحمد بدوي وقتها قد بدأ يُظهر ضيقه من التقارب الشديد بين مصر وإسرائيل.. وبدأت التقارير السرية على مكتب السادات تؤكد غضب وزير الدفاع من طريقة إدارة الصراع مع إسرائيل.. والعجيب أن طاقم الطائرة وقتها كان قد نجا في اللحظة الأخيرة قبل السقوط!.. غير أن الأهم أن قائمة القادة الشهداء كانت تضم وقتها اسماً أثلج صدر النقيب
"عبد الفتاح" بصفة خاصة...
كان اسم اللواء الشهيد "خالد حماد مدير إدارة المخابرات الحربية!...
استشهد "خالد حماد" بالفعل...
عقبة كبيرة في طريق مستقبله كانت بالفعل قد انزاحت ملا قسمانه شعور بالارتياح الشديد والسعادة وهو يطالع قائمة الشهداء مرة ثانية غير مصدق بالمرة أن الوحيد الذي كان يكرهه قد مات وأن سر لقاءاته بالضابط "يوسف" قد اندفن معها.. وإلى الأبد...
ألقي نظرة أخيرة على اسم مدير المخابرات الحربية في قائمة الشهداء قبل أن يرتدي ملابسه العسكرية على عجل وهو يستعد للذهاب إلى الجنازة..
ما إن استأنفت لجنة التنسيق الأمني المشترك أعمالها بعد فترة الحداد على قيادات القوات المسلحة الذين راحوا ضحية الحادث الغامض حتى التقى ب "يوسف" مرة أخرى.. وهذه المرة
كان لقاء بلا أي خوف...
اشتم يوسف في نظراته شيئاً من الامتنان فعاجله بخبث:
لا مش احنا اللي قتلناه.. الموضوع صدفة... صدفة ؟! يموت مع وزير الدفاع و 12 قيادة عسكرية من الكارهين لكم وتقولي صدفة لا
دا انت واصل بقى.
دا لإن أفكاره كانت من نفس نوعية وزير دفاعه فكان لازم مصيرهم يبقى واحد.. المهم
طمني عليك الإنجليزي بتاعك عامل إيه؟
أدهشه السؤال فرد بسؤال آخر:
الإنجليزي؟ ليه ؟!
قولي بس الإنجليزي عامل إيه ؟
- زفت والحمد لله !
لا حاول تسرق لك كام كلمة كده من هنا وهناك عشان تعرف تتعامل مع الأمريكان!
نعم ؟!.. الأمريكان؟ ها تعامل معاهم فين؟
هنسافر أمريكا قريب.. وقريب جداً..
دي؟!
بس إزاي؟ وليه؟ وامتى؟ وانت عرفت إزاي إنى مسافر؟ وإيه الثقة اللي بتتكلم بيها
ابتسم يوسف في فخر: مش قلت لك إن كل أصدقائي لازم يكونوا من القادة.. جهز نفسك للسفر قريب كان بالفعل قرار سفره قد صدر ضمن مأمورية تدريب الضباط الاعتيادية التي فرضتها أمريكا ضمن شروط اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل والتي كانت تنص على سفر الضباط من مختلف الرتب في بعثات تدريبية إلى أمريكا..
كان قد بدا واضحاً منذ أول بعثة بعد الاتفاقية أن الضباط من أصحاب الحظوة فقط هم من سيسافرون في تلك البعثات التي تؤهل أصحابها للذهاب بعيداً في الخدمة العسكرية في الجيش المصري والبقاء طويلاً فيه.. فقد أكد الكبار في الجيش أن الضابط الذي سيسافر في تلك البعثة سيكون أمر تقاعده ليس بيد أحد في مصر كلها!...
وفى اليوم التالي وما إن تم إبلاغه بوجود اسمه ضمن البعثة التدريبية إلى أمريكا حتى تيقن أن یوسف" ليس ضابطاً عادياً وإنما شخص ذو نفوذ كبير جداً في إسرائيل كلها بل يمتد نفوذه إلى داخل مصر أيضاً!...
هرع إلى بيت والده.. وما إن لقى أمه حتى قبل بدها واحتضنها بقوة..
خطوة عزيزة يا سي عبد الفتاح
سامحيني يا أمي أنا مسافر بعثة لأمريكا الأسبوع اللي جاي واتمنى إنك تدعي لي
بالتوفيق.
ما انا بدعي لك كل يوم بالتوفيق يا ابني؟ خد بالك من نفسك وذاكر كويس
مش عاوزة أي حاجة؟ فوت على ابوك في المحل بوس إيده وسلم عليه عشان خاطري لا نه زعلان منك كالعادة وإيه الجديد؟ ما هو دائماً زعلان عشان غيابي عنه رغم إنه عارف إن غيابي مش بخاطري.. عامة.. ما تشغليش بالك ولو ماقابلتوش هناك ابقي فهميه انى عارف إنه مش
لوحده واخواني كثير ربنا يبارك له فيهم.
أيوه يا عبدو بس انت الوحيد فيهم اللي فلحت.. يعني لو احتاج لك لازم تكون جنبه
حاضر يا أمي بس ادعي لي ...
ربنا معاك يا ابني
ما إن دلف إلى محل أبيه حتى وحده منتفع الوجه و القلق باد عليه بشدة
-إزيك يا حج؟
بخير يا سيدي.. كويس إنك افتكرتنا
مالك يا حج
شكلك متضايق؟
أخوك الصغير اتخانق مع ابن سميح" الخراط وفتح له قرنه وضابط الجمالية لسه كان هنا
وخده معاه وبندور له على محامي...
محامي؟ لا ما تشغلش بالك..
قالها وترحل مسرعاً إلى مقر قسم الجمالية الذي يبعد قليلاً عن محل أبيه ..
النقيب عبد الفتاح السيسي.. مخابرات حربية
قالها بتكبر شديد لضابط القسم الذي هب واقفاً باحترام
أهلاً وسهلاً يباشا.. تشرفنا.. تحب تشرب إيه؟ ولا حاجة .. أخويا الصغير عندكم واتمنى ما تكونش كتبت المحضر
فهم الضابط ما يرمي إليه فرد بسرعة
وحتى لو المحضر الكتب يا باشا.. نقطعه!...
عدل من وضع كتفيه في غرور وهو يرد:
دا كان عشمي برضو ... دخل بعدها على محل أبيه متأبطاً ذراع أخيه الأصغر فلم يصدق والده نفسه من الفرحة ... معقول؟ دا انا افتكرتك سبتني موحول في الموضوع وهربت عشان اسمك.. عفارم عليك
يا عبد الفتاح
-
أي خدمة يا حج..
قالها بخيلاء وفخر قبل أن ينظر لأخيه ويهتف فيه:
وانت بقى.. مش كل مرة تسلم الجرة.. المرة دي لحقتك.. المرة الجاية تكون حريص..
فاهم؟
أجابه أخوه بإيماءة من رأسه.. فرد أبوه:
- عرفت بقى قيمتك عندنا يا سي عبده؟ ماتبقاش تغيب عننا
لا المرة الجاية هاغيب غصب عني.. أنا مسافر مأمورية أمريكا وهاغيب سنة كده والله حاجة.. وهابقى أكلمك في التليفون... لأجل أطمن عليكم كلكم
اكتست ملامح أبيه بالسعادة وهو يهتف:
الله الله الله.. أمريكا مرة واحدة؟!
قاطعه في حدة
وبعدين معاك يا حج؟ ها تذيعها للجمالية كلها؟ أنا قلت أعرفك عشان ما تلومش عليا زي كل مرة
ماشي يابني روح ربنا يوفقك.. بس ما قلتليش انت خرجت أخوك إزاي من الجناية دي؟ دا أمر بسيط بس اتمنى إنه ما يتكررش.. عشان دا موضوع حساس بالنسبة لي... هز أبوه رأسه في تفهم قبل أن يردف بطمع
طيب حيث كده بقى أنا عاوزك في شغل كثير لما ترجع لنا بالسلامة.. هاكلك من وراه دهب
بادل أباه نظرة الطمع قبل أن يرد:
حاضر بس لما ارجع نبقى نشوف.. هاستأذنك بقى يا حج علشان وقتي ضيق زي ما انت عارف.
كالعادة يعني؟ ماشي توكل انت على الله ولما ترجع تبقى تزورني فوراً ...
مفهوم يا حج... مفهوم.
قضى الأسبوع التالي ممسكاً أغلب الوقت بقاموس " إلياس " الشهير وقتها لتعلم الإنجليزية يحفظ كلمة من هنا وعبارة من هناك محاولاً التغلب على عقبة اللغة ليستطيع إدراك قدر ولو يسير من التفاهم مع الأمريكان ...
وفي أمريكا ساعدته أجهزة الترجمة الفورية على فهم ما يقوله المحاضرون العسكريون... غير أنه هناك التقى في قاعة المحاضرات بالضابط "يوسف"! ولم يقف كثيراً عند وجوده معه في نفس القاعة .. شكره كثيراً على استغلال نفوذه بوضع اسمه ضمن تلك البعثة...
ما تشكرنيش أنا يا "عبد الفتاح" انت مجتهد وطموح وهدفي أحقق لك كل طموحاتك! تحقق لي كل طموحاتي؟ انت؟!
الى اللقاء فى الجزء السادس عشر
0 Comments: