#سلسة_كشف_الطرف_الثالث" الرئيس " الصـعــود الـى الـقمــة " الجزء السابع عشر 🦅 |
محمد عنان - وفقا لمصدر أمنى
Follow @3nan_ma
كانت لقاءاته بالضابط "يوسف" ميرزا" لم تنقطع طيلة السنين الماضية فما إن تنتهى أعمال لجنة أمنية حتى يتم تشكيل أخرى.. بات الآن ذات باع طويل في حضور تلك الاجتماعات المشتركة بين ضباط مصر وإسرائيل.. وكان " يوسف ميزرا" بالطبع مثله موجوداً في كل اللجان التي انعقدت طيلة تلك المدة.. لذا فقد تشعبت لقاءاتهما حتى باتا أصدقاء أكثر..
وكان "يوسف" يسدى له النصيحة باستمرار ويعينه على أية عقبة تقف في طريقه.. كان ينتظر لقاءاته مع "يوسف" بشغف واهتمام... أما عن تقاريره فقد كانت كلها امتيازاً.. ما كان يؤهله باستمرار لدورات تدريبية على مستوى عال..
وبعثات دراسية على مستوى أعلى.. في إحداها وكانت في عاصمة الضباب "لندن" قابل صديقه العزيز "يوسف" الذي فاتحه في أمر هام طار به من على الأرض وحلق به في
السماء..
- أنت وزير الدفاع المنتظر !
فتح فمه من فرط الدهشة غير مصدق:
-نعم؟! وزير إيه؟!
انت وزير الدفاع... أنا قررت وانت عارف قراراتي إزاي يبقى حريص على تنفيذها واظنك جربت قبل كده ؟
بالفعل كان كل ما قاله "يوسف" له قد تحقق.. وكل ما قابله من عقبات شكاها لـ "يوسف" أخرجه منها وأزالها من طريقه..
هو لم يكن يعرف الطريقة التي يتبعها يوسف في هذا الشأن
أو على الأصح لم تكن تفرق معه الطريقة....
-
.أيوه .. بس إزاي؟!
إزاي دي بتاعتنا احنا بقى
طب امتی؟! ما انت عارف إن ولائي للوزير كبير جداً وانا من أشد المقربين له؟
كل شيء بميعاد
طب وولائي له؟ وجيش الرتب اللي حواليه؟
ماله ولاءك؟ دا ولاءك دا ها يكون سبب مساعد في إنك تخلفه وقتما يحين الموعد..
أما عن جيش الرتب اللي حواليه فـ دي مسئوليتنا احنا اتركها لنا وها نتصرف بطريقتنا لم يعقب على عبارة "يوسف" الأخيرة فقد كانت مقنعة إلى حد ما بالنسبة له.. بدا سعيداً بالطرح الجديد وما يحمله من مستقبل أعظم له
ودلوقتي؟
سأل يوسف في اهتمام فردّ عليه بسرعة:
دلوقتي إيه؟ ولا حاجه انت مستمر في لاءك للوزير وتأدية عملك وسيب باقي الأمور لينا
احنا زي ما فهمتك
أومأ برأسه في انصياع خاضعاً للأمر ...
كانت ندوة ملتقى الزمالك الثقافي الذي يعقده "لطيف" دورياً هذه المرة على مستوى كبير حداً من الحشد فقد امتلأت القاعة بالضيوف عن آخرها ووقف كثيرون في الطرقات ما بين المقاعد يستمعون باهتمام شديد للضيف الشهير بعدائه للإسلام السياسي
وهو يكيل الاتهامات للإسلام بأنه سبب رئيسي للتطرف والإرهاب الذي يضرب أنحاء الوطن وكيف كان سبباً رئيسياً في حادث محاولة اغتيال الرئيس المصري في "أديس أبابا" قبل أن ينهي دكتور الجامعة العلماني الشهير محاضرته بالثناء على حكمة الرئيس في التعامل مع منفذي الهجوم وعبقريته كرجل عسكري في إفشال المخطط المرسوم لقتله من قبل الجماعات الإسلامية
وكيف كانت أوامره لسائقه بالعودة للمطار سبباً رئيسياً في الإبقاء على حياته وكيف كانت نصائح رجال المخابرات للرئيس باصطحاب سيارته الرئاسية المصفحة ضد الرصاص مسبباً آخر في نجاة الرئيس واستكمال مسيرة الرخاء والتنمية.. التهمت الأيدي بالتصفيق كالعادة واغرورقت عيون النساء بالدموع وهم يهتفون بحياة الرئيس بعد انتهاء الندوة..
كانت تلك الندوات قد أتت أكلها في إذابة الفوارق بين الحكم العسكري والمجتمع المدني وجعلت الأخير متقبلاً بشدة للحياة في كنف حاكم عسكري يمتلك قدرات خارقة تؤهله للعبور بسفينة الوطن إلى بر الأمان كما كان يردد دوماً محاضروها من النخب العسكريةوالسياسية والإعلامية الذين استغلوا التفاف الشعب حول الرئيس بعد محاولة اغتياله.. كما هيأت تلك الندوات حاضريها تماماً للصبر على قضايا الديموقراطية والخروقات الأمنية والتردي الاقتصادي من أجل تخطي عقبات أكبر لا وجود لها إلا في عقل مردديها ..
والأهم أيضاً أنها بدأت تخلق من الإسلام عدواً للحضارة الإنسانية والتقدم مستفيدة أيما استفادة من الحوادث التي يقوم بها جهاديون جهلاء هنا وهناك.. رسخت في عقول متابعيها أن الإسلام السياسي شيطان وجب دوماً الاستعاذة منه كلما اقترب!
كان هدف الندوات والأمسيات الثقافية الخبيث هى غلغلة الشخصية العسكرية داخل المجتمع المدني والاحتكام لقيادته قد تحقق بما يظهر من اقتناع ورضا على وجوه الحاضرين من كافة الأطياف.. الآن بدا العجوز "لطيف" الذي تجاوز الخامسة والسبعين في منتهى السعادة وهو يقوم بكل ما يُطلب منه في الخطابات الشهرية على أكمل وجه..
كان ينظر لحماس وتصفيق الحاضرين من خلف زجاج مكتبه الملحق بالقاعة وهو يبتسم ابتسامة شيطانية تتسع وتزيد بقدر زيادة حساباته السرية في بنوك الغرب..
أخرج وقتها ورقة صغيرة وكتب فيها بالشفرة عبارة مقتضبة:
الحقل تهيأ للزراعة وفى انتظار البذور الجديدة!
" السيد سفير جمهورية مصر العربية بالمملكة العربية السعودية.. يفد إليكم العقيد / عبد الفتاح سعيد السيسي لتسلم مهام عمله كملحق عسكري بسفارتنا في الرياض لمدة عام قابل للتجديد.. رجاء التنبيه نحو اتخاذ اللازم "
كان هذا هو نص الخطاب الذي تسلمه صباح اليوم من مكتب المشير طنطاوي الذي طلب دخوله فوراً فدخل عليه مؤدياً التحية العسكرية في امتنان وشكر كبيرين.. ولم لا وقد . قربه للمشير طنطاوي منصباً عسكرياً دبلوماسياً في واحدة من أغنى بقاع العالم....
كل كلمات الشكر ما توفيش اللي سيادتك عملته وبتعمله معايا يا افندم
انت ابني يا عبد الفتاح ما تقولش كده.. المهم إن الفترة اللي جاية تجارة السلاح في السعودية على أشدها عاوز تقارير شبه يومية بكل تحركاتهم فيما يخص موضوع شراء السلاح وعلى قد ما تقدر تقنعهم بامكانياتنا في توريد سلاح لهم بطريقة غير مباشرة
قبل أن يردف المشير بخبث:
وطبعاً عمولتك في كل صفقة محفوظة
رد بسرعة متصنعاً قناعة زائفة:
عمولة إيه يا افندم.. رضا سيادتك عني بكنوز الدنيا وما فيها
مفهوم طبعاً لكن دا هايبقى حقك لانك هاتتعب وكل ما تعقد صفقات غير مباشرة أكثر عمولتك هاتكون أكبر ...
-
في أي تعليمات تاني يا افندم؟
لا.. مش ها وصيك تكلمني من هناك على رقمي السري في أى توقيت
مفهوم يا افندم طبعاً.. أوعدك إن ما فيش دبانة هاتزن في الرياض إلا وها بلغك بعددها
المشير في ارتياح وهو يودعه:
ب ثقتي فيك... على بركة الله
وفى الرياض كان ضيفاً دائماً على كل موائد الأمراء في أنحاء المملكة.. تغلغل بسرعة داخل العائلة المالكة وعرض خدماته في إمكانية تنفيذ صفقات صلاح بمليارات الدولارات من بعض الدول بطريقة غير مباشرة وبأسعار منافسة وجودة وتقنيات عالية.. هذا بالإضافة إلى بعض الخدمات الأخرى التي عرضها عليه بعض الأمراء هناك وتتعلق بتخصيص امتيازات واستثمارات في بعض المشاريع والمناطق المصرية الواعدة والتي كان يقوم طنطاوى بتسهيلها له في مصر.. صنع هناك شبكة علاقات فساده الموسعة الخاصة به وبوزيره ولم يتوان عن تنفيذ كل ما طلبه منه العسكريون السعوديون في أي مجال...
قضى هناك عاماً كاملاً أو يزيد قليلاً استطاع خلاله الحصول على ثقة النظام السعودي وكل مدى تكون ثقة طنطاوي به نزيد
إزيك يا سيادة العميد؟
قالها المشير له في الهاتف فرد عليه بسرعة:
يسمع من بقك ربنا يا افندم
لا انت بمجرد ما اشوفك ها علقلك النجمة الجديدة بنفسي غامرته السعادة والفرح وهو يهتف بصوت ودود:
أشكرك من كل قلبي يا افندم
انت لازم تطلع تعمل ماجستير في كلية القادة والأركان في أمريكا
تعليماتك يا افندم
انت هاتكمل في الجيش ولازم تحصل عليها.. أنا وقعت على قرار إيفادك في البعثة الجاية.. تجهز نفسك عشان هاتنزل أجازة شهر وتطلع بعدها على واشنطن
-
عاجز عن الشكر يا افندم
كان حديث المشير المقتضب معه يؤكد أنه قد مهد له الطريق للوصول إلى رتبة اللواء ومنها إلى ما هو أبعد من ذلك.. ألم يقلها له صريحة بأنه مكمل في الجيش؟ وهو بخيرته الطويلة يعرف أن من يتجاوز إلى رتبة العميد ويحصل على ماجستير العلوم العسكرية في واشنطن سيكون يوماً ما أحد قيادات المجلس العسكري شاء من شاء وأبى من أبى...
بر المشير معه بوعده ولم يكد يلتقيه في مكتبه بالقاهرة بعد عودته من الرياض حتى قام بنفسه بتعليق النجمة الثالثة له دون انتظار لوقت الترقيات أو صدور حتى نشرة بذلك ولم لا.. فوزير الدفاع لا يُرَدُّ له أمر عسكري أبداً.. وحينما يقول لأي ضابط أنه قد رقاه فالأمر نافذ ولا معقب له ..
في واشنطن التقاه "يوسف بن ميرزا" كالعادة وأكد له على أن الخطوة الأخيرة التي تنقصه هي كسب ثقة الأمريكان وأنه لن يستطيع المامها إلا لو ركب الموجة معهم وقدم أبحاثاً تخص طرق مقاومة الخطر الإسلامي وإرهابه القادم بقوة إلى العالم..
هو من ناحيته لم يكن لديه أي مانع في تكسير الإسلام السياسي في أي وقت وبشتى الطرق فصادف موضوع الرسالة أصلاً هوى في نفسه.. و كان "يوسف" بالطبع قد جهز له أوراقاً بحثية تخص موضوع رسالته ولم ينسى أن يصبغ عليها صفات البحث العلمي المبهر في محاربة الإسلام المتطرف و الذي أكد الأمريكان وقتها أنهم أمام مشروع قيادة جديدة متعاونة في القاهرة ستساعدهم على استكمال السيطرة على الأوضاع وقتما يحدث أي تغيير وستعاونهم في دحر ووأد أية حركة إسلامية مسلحة في مهدها..
كان السيسي بالنسبة للأمريكان هو أكثر ما كانوا ينتظرون في رجلهم القادم.. هذا بالإضافة إلى تزكية الموساد الإسرائيلي للرجل والتي تعني الكثير الأمريكان.. فرضا الحليف الإسرائيلي عن أي ضابط في جيش مصر سبب في رضا الأمريكان عنه بالتبعية...
ما إن دخل على سكرتيرة الجنرال "هانكس" الحسناء حتى رسم على شفتيه ابتسامة لزجة عريضة وهو يسألها بإنجليزيته الركيكة:
أود مقابلة الجنرال "هانكس" بناءً على طلبه قولي له أحد الدارسين من البعثة المصرية..
الاسم من فضلك؟
رد بخيلاء
عبد الفتاح السيسي...
وجدت السكرتيرة الحسناء صعوبة في نطق الاسم وتلعثمت قبل أن يردد بغرور وهو يضغط حروف اسمه
عبد الفتاح السيسي.. احفظي هذا الاسم جيداً.. فقريباً سأصبح مشهوراً وستتمنين مقابلتى
دهشت الفتاة من نبرة المحرفة والغرور التي يتحدث بها فهاتفت سيدها الذي أمرها بدخوله وما إن بدأ بالحديث معه حتى حذره من مصاحبة أصدقائه في نفس البعثة من المصريين قبل أن يثني على ورقته البحثية الخاصة بطرق التعامل العنيف مع كافة أطياف وجماعات الإسلام
جنرال سيسي.. هل هناك شيء آخر غير واضح؟ نعم يا سيدي... من هو الـ .. u-p-L .. الذي حذرتمونا منه ومن خطره في أغلب
محاضراتكم؟.. لقد عشت كثيراً عن هذا الرمز ولم أجد له أي مدلول؟ ضحك الجنرال "هانكس" بشدة قبل أن يجيبه وهو يضغط حروف كلماته:
إنها الثلاثة حروف الأولى التي يتشكل منها اسم الزعيم الروحي لتنظيم القاعدة في افغانستان أسامة بن لادن" الممول الأول لكل العمليات الإرهابية في العالم..
قبل أن يردف الرجل في اهتمام واضح
احفظ هذا الرمز جيداً فأوراقك البحثية تؤكد على أنك من المفروض أن تكون أحد
أشد كارهيه في العالم العربي... مفهوم يا سيدي.. مفهوم تماماً..
وما إن هم بالانصراف حتى استوقفه الجنرال "هانكس":
-
جنرال عبد الفتاح" لقد أرسلت اسمك إلى قيادات البنتاجون مثنياً عليك وعلى ذكائك في التعامل مع ملف الخطر الإسلامي القادم.. أرجو أن أكون قد أصبت في اختياري... انتفخت أوداجه بشدة وهو يرد بفرح شديد:
أشكرك بصدق يا سيدي.. و أعدك أن أعمل على تشريفك تماماً...
أمل في تقاعد مريح وقد أصبح لدي الآن كوادر شابة مدربة ولا تعلم أي شيء عن الهدف الخفي لأعمالنا كانت برقية مقتضبة أرسلها لطيف" للجنرال "يوسف بن ميرزا نائب مدير جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "موساد" الذي طالعها بسرعة قبل أن يخالطه حنين أفرزته ذكريات عقود من التعامل مع العجوز الثمانيني.. وخدماته الجليلة من أجل إتمام مشروعه الكبير
طوى الورقة بسرعة قبل أن يرسل له عبارة واحدة:
تلتقي بعد أسبوع في بيتنا القدم للاحتفال بتقاعدك" كان "بن ميرزا مطمئن بالفعل للشباب الذين باتوا يديرون بأنفسهم فعاليات ندوات "لطيف" من ذوي الميول القومية الذين انبهروا بالنخب العسكرية والسياسية وانضموا للعمل في تنظيم الفعاليات لمساعدة "لطيف" في أعمال الدعاية والإعلان والتنظيم..
- كانت كل تقارير "لطيف" عنهم تؤكد أنهم محبون جداً لما يعملونه دون أن يعرفوا أي شيء عن الهدف الخلفي من وراء تلك الدعاية والندوات والمحاضرات.. وكان "لطيف" بالفعل قد كبر وشاخ ولم بعد يقوى على أعباء العمل.. فكان ما يطلبه الآن بنفسه حقاً مشروعاً بالنسبة له ولا الخيرة وبعدما بات قاب قوسين من تولي خلاف عليه.. وحتى "يوسف" بعد هذه السنين من سدة الرئاسة في الموساد لم يعد في حاجة لانتظار أمر من أحد لإحالة عميله العجوز إلى التقاعد..
ولكنه كان يأمل في لقاء أخير يودعه فيه ويقدم له الشكر باسمه وباسم دولة إسرائيل على كل ما قدمه طيلة العقود الماضية...
...
ما إن جلس اللواء عبد الفتاح السيسي" النائب الجديد لإدارة المخابرات الحربية أمام وزير الدفاع حتى عاجله الوزير بسرعة:
كل تقاريرك عن المنطقة الشمالية كانت صح.. أنا كنت هناك امبارح اللوا اللي ماسكها کرشه كبير أوي وشخص مهمل وعاوزين نريحه من أعباء الخدمة العسكرية.. الراجل ده ما کانش اختيارى من الأول... الرئيس مبارك بقى هو اللي فرضه على قيادة المنطقة الشمالية بسبب صداقه زوجته لحرم الرئيس.. وأظن كفاية عليه سنتين هناك ونبقى رضينا الريس وحرمه
وألا إيه؟
في حد تانى في دماغك يا افندم؟
انت يا "عبد الفتاح"
اتسعت عيناه من الدهشة وهو يردد:
انـ ..
أنا؟! بس أنا سيادتك لسة جديد في الرتبة ما كملتش شهرين والضوابط العسكرية بتأكد
قاطعه المشير بود
مش عيب بردو يا عبد الفتاح أما تراجعني في أمر ؟ أيه ضوابط اللي بتتكلم فيها بعد كلمتي؟
رد بحرج شدید
-
یا افندم أنا ابنك.. وحضرتك عارف إن أملي الوحيد أمسك المخابرات الحربية ودوري قرب.. خايف تكون المنطقة الشمالية هي نهاية خدمتي في الجيش!
رد المشير باستنكار
لا طبعاً.. ها بعتك تشتغل هناك سنة وانا عارف إنك ها تعمل فارق يظهر للرئيس إن اختياراتي أصوب..
- وأوعدك نكون وقتها ارتحنا من مدير المخابرات الحربية اللي "عمر سليمان" طلب من الرئيس يفرضه علينا بالعافية..
ما تقلقش يا عبد الفتاح أنا بعمل لمصلحتك.. تهللت أساريره بعدما ظهرت له الخدمة المزدوجة التي سيسديها له وزير الدفاع.. فمدير للمخابرات الحربية الجديد كان آخر شخص يمكن توقع توليه المنصب ولكنه طبقاً لصراع الأجهزة الحاكمة فقد زكاه مدير المخابرات العامة عند الرئيس مبارك وجعل مبارك يفرضه على طنطاوي... وابتعاده في تلك الفترة عن المخابرات الحربية سيجنبه صراعاً محتملاً لا قبل له به ..
عاودت السعادة قسماته من جديد فهب واقفاً ليؤدي التحية العسكرية في سعادة: تحت أمرك يا افندم
لم يكد "لطيف" يمر ببطء من الباب الداخلي لتلك الفيلا القديمة التي تقبع في مكان هاديء على أطراف العاصمة القبرصية "لارناكا" حتى اتسعت عيناه من الدهشة.. فأمامه مباشرة كان يقف الجنرال "يوسف بن ميرزا واثنان من مساعديه بالقرب من طاولة عليها كعكة احتفال ضخمة وبجوارهم صليب ذهبي بطول مترين معقود بفيونكة حمراء..
خرجت الكلمات من فمه بطيئة
دا احتفال صحیح بقى؟!
رد "بن ميرزا" في ود حقيقي:
طبعاً يا خواجة.. وكمان صليب ذهب هدية تقاعد من مكتب رئيس الوزراء شخصياً اتسعت عيناه من فرط الدهشة وهو يردد عبارة "يوسف" الأخيرة كمن لا يصدق: مكتب رئيس الوزراء شخصياً أيضاً
طبعاً.. هو انت أقل منها؟ انت أسديت خدمات عظيمة لدولة إسرائيل لن ننساها لك
قبل أن يعاجله "يوسف" بسؤال غير متوقع:
بتشوف البطل ؟
أيوة طبعاً بشوفه.. الأسبوع اللي فات كلمني من إسكندرية وطلب إني أسافر له وسافرت
ونزلت ضيف عليه في استراحته هناك يومين بحالهم...
-
هو سعيد؟
منتهى السعادة... أتمنى إني أعيش بقى واشوفه وزير دفاع.
عن قريب جداً..
يارب..
قالها "لطيف" بصدي شديد.. قبل أن يُقبل الصليب الذهبي الضخم
ويعاود رسم الصليببيده على جسده مرة أخرى...
في ظل القيادة الحكيمة للسيد الرئيس حسني مبارك"
كانت تلك العبارة الشهيرة المحفوظة هي التي ختم بها اللواء عبد الفتاح السيسي مدير جهاز المخابرات الحربية الجديد كلمته في حفل تنصيبه بدار القوات الجوية الذي اقتصر في تقليد جديد على رئيس الجمهورية والنخبة العسكرية و فقط...
كان أسعد الحاضرين بعد السيسي في هذا اليوم هو وزير الدفاع شخصياً بعد أن نجح أخيراً في فرض أحد أخلص رجاله على المنصب القوي الذي احتكر ترشيحه طيلة عشر سنوات عمر سليمان" مدير المخابرات العامة.. ووصول رجل طنطاوي اليوم يمثل انتصاراً كبيراً له على "عمر سليمان" نفسه...صاحبك ها يفرقع واتحجج واستأذن من الرئيس وغادر الحفلة قالها طنطاوي بسعادة بالغة وهو يميل على أذن "عبد الفتاح" الذي ابتسم في ثقة وهو يرد: أيوه يا افندم خد بالك إنه تعلب ولو تفتكر إنه قدر بسهولة يخرج من الفخ اللي عملنا هوله في 2005 لما نزلنا صوره في الشارع كمرشح رئاسي..
وقتها قدر يبلف الراحل الكبير ويقنعه إنه مالوش أي يد في الموضوع وإنها حركة هدفها الوحيد النيل من ولاؤه للرئيس لا بعد الانتصار عليه النهاردة أعتقد إني قدرت أحجمه كثير عشان يبعد عن الجيش ويبطل تدخلاته الخبيثة..
الضربة دي شديدة عليه جداً لإنه حاول يوجه الراجل لشخص ثاني والراجل قاله سيب طنطاوي يختار رجالته المرة دي...
قالها وزير الدفاع قبل أن يضحك بسعادة ويردف:
كمان صعبان عليه إنه عرف إنك أقرب رجالتي.. يعني قطعنا رجله من الجيش تماماً أتمنى يا افندم إني أكون عند حسن ظن حضرتك
لا الكلمة دي بقى تروح تقولها للرئيس نفسه.. الحقه قبل ما يمشي عشان صحته ما بقتش مستحملة جو الاحتفالات وبينام بدري
سمع السيسي الأمر فالتفت فوراً إلى الناحية التي يجلس فيها الرئيس "مبارك" فكرر العبارة على
مسامعه ليرد عليه مبارك بعين نصف مفتوحة:
شكراً.. شكراً..!
وقتها لمعت عينا السيسي ببريق غريب..
0 Comments: