سلسلة كشف "الطرف الثالث "الـرئـيس" سـنـة أولــى جــيـش " الجزء السادس 🦅 |
محمد عنان - وفقا لمصدر أمنى
Follow @3nan_ma
سنة أولى جيش... زملائه
مرت الأيام الأولى على «عبد الفتاح» في المدرسة الثانوية الجوية متسارعة.. فقد كان مشدوها بالمناخ الذي انتقل إليه مرة واحدة.. طلبة من كل مناطق الجمهورية .. أبناء طيارين.. وأبناء ضباط عاديين أبناء مسئولين كبار في الدولة.. أبناء أعيان من الصعيد ومن الوجه البحري..
خليط من الطبقات الكبرى في مصر بكافة طوائفها.. لاحظ من مشاهداته ومما يسمعه أنه تقريباً أقل مستوى مادي بين جميعا الطلبة.. كان يستمع إلى حکایات بحسرة وأحياناً بالبهار.. فهذا اشترى له والده سيارة هدية نجاحه في الإعدادية.. وذاك قضى إجازة الصيف مع أهله في الريف الفرنسي..
- وغيره من يحكي عن رحلة إلى موسكو مع أبيه المسئول الكبير.. زملاؤه كلهم تبدو على وجوههم حمرة النعمة والرخاء.. شعرهم يلمع... ورائحة برفاناتهم تتخلل أنفه كلما مر بجوار أي منهم.. كان يشعر بالمرارة مع كل حكاية يسمعها.. مرارة جعلته يلتزم الصمت مع الجميع..
لا يتحدث حتى مع الجالس بجانبه في الفصل !.. فقط يراقب كل ما حوله.. ربما شعر بأن حتى طريقة وأسلوب الجميع من حوله في الحديث والتعامل مختلفة عن طريقته في الكلام والتعامل لهذا تقريباً كان يخشى مجرد الحديث مع أحد.. كان يتردد في التعامل مع الجميع...
فقط يراقب في صمت.
ومع انتهاء اليوم الثالث له في المدرسة كان قد تيقن بأنه قد نال فرصة كبيرة جداً داخل مجتمع أبناء الكبار حتى إنه لم يكن يصدق بعد كل ما سمعه ورأه بأن أوراقه قد تم قبولها مع هؤلاء!.. كان من داخله سعيداً بتلك الفرصة.. وقرر ألا يضيعها.. متمسك بها بكل طريقة.. سيعض عليها بتواجده.. سيفعل أي شيء في سبيل الاستمرار ...
أي شيء.. وكل شيء
- انت إيه ؟! أخرس ؟؟
نطقها الصول " جمال " مساعد تعليم المدرسة الثانوية الجوية وأقدم صف ضابط بما في وجه الطالب «عبد الفتاح» وملامحه تحمل غضباً تغلقه مسحة ساخرة...
ينتزعه صوت الصول "جمال" الغاضب من شروده الدائم فيرد «عبد الفتاح» خائفاً متوتراً بصوت منخفض...
- أؤمر يا افندي
افندي؟!.. اسمها افندم يا طالب.. لما تبقى تسمع اسمك ترد فوراً هنا لازم ترد حتى قبل ما
تسمع اسمك.. فاهم؟
بمزيد من التوتر وبصوت أقل انخفاضاً..
حاضر يا افندي.... يا افندم
اسمها تمام يا افندم وصوتك يبقى عالي مفهوم؟
يرفع صوته قليلاً.
تمام یا افندم
أعلى.. على صوتك يا طالب
يرد «عبد الفتاح بصوت عال:
تمام يا افندم
ثم يقول الصول "جمال": أيوه كده.. هنا مافيش مكان للصوت الحريمي الناعم بتاعك ده.. اللي بيتكلم بصوت زي ده هنا ممكن يحصل معاه حاجات مش كويسة؟.. طبعاً انت فاهمني؟
قالها وهو يغمز له بعينه اليمنى غمزة ذات معنى يعرفها الجميع فضحك أغلب الطلبة في الطابور بصوت عالي
يرد عبد الفتاح وقد بدأ وجهه ينضرج خجلاً..
فاهم يا افندم
انت منين يا طالب؟
"الجمالية" يا افندم
يرتفع حاجبا الصول " جمال " من فرط الدهشة :
" الجمالية "!.. غريبة.. مش باين عليك إنك من " الجمالية ... ثم موجهاً حديثه لباقي الطلبة
اللي سمع اسمه يتفضل على مكان الزيارة يشوف أهله.. مش محتاج أكرر عليكم كلامي ما فيش داعي إنك تشتكي لأهلك من أي شيء هنا.. وخصوصاً المعاملة.. مفهوم؟...
قبل أن يضفي على صوته نبوة حانية وهو يضيف:
- انتوا كلكم هنا زي أولادنا بالضبط ولو في حد شدينا عليه شوية فا أكيد الشد ده عشان
مصلحته.. أظن مفهوم؟
يردد الطلاب في صوت واحد
تمام یا افندم
انصراف
قالها بلطف للطلبة قبل أن يوجة حديثه لـ «عبد الفتاح»:
لما ترجع من الزيارة ابقى تعالى على مكتبي.. عاوزك ضروري.. مفهوم؟
اومأ عبد الفتاح برأسه وهو يرد:
مفهوم يا افندم ...
قبل أن يتوجه لمكان الزيارة.. لم يكن متلهفاً لرؤية أهله كباقي الطلبة.. فقط هي أمه التي ربما يتمنى أن تكون جاءت لزيارته.. شعور غريب ينتابه.. لم يعد يريد رؤية أحد من أهله فيما عدا أمه فقط !.. وكأنما تخلص منهم ومن مشاكلهم بدخوله مدرسة داخلية.. حتى إنه كان يحمل هم إجازته الأولى كيف سيترك مجتمعه الجديد بين الكبار وأحاديثهم . الهادئة الواثقة التي تنم عن الثراء..
ويعود مرة أخرى للصراخ والمشاكل الدائمة من أجل المال والطعام؟ كيف سيترك ثلاث وجبات شهية بدون عناء ليصارع إخوته على حقه المهدور دائماً في كل شيء؟.. قبل أن يصل إلى مكان الزيارة مباشرة تساءل عمن يكون في انتظاره من أهله؟... هل هو أبوه أم هي أمه؟.. جال بيصره في أرجاء المكان المخصص لزيارات أهالي الطلبة قبل أن تقع عيناه على أمه.. تقللت أساريره وهو يتجه إليها بسرعة فاتحاً ذراعيه..
أمي.. وحشتيني أوي..
تضمه أمه إلى حضنها وهي تبكي وتحدثه من . خلف دموعها : وانت كمان يا "عبده" أخبارك إيه؟ وأخبار المدرسة معاك إيه؟ بتاكل كويس؟ مبسوط ؟ الحمد لله كل حاجة هنا عال العال.. مافيش داعي تبكي.. أنا كويس
فلوسك خلصت طبعاً؟
لا أنا ما صرفتش حاجة منها تقريباً اطمني.. الأكل كويس ها صرف فلوسي في إيه يعني؟ تكون عاوز تشتري زي أصحابك من الكانتين؟
- ملات الحسرة وجهه وهو يتذكر ما يشتريه زملاؤه يومياً من كانتين المدرسة - مش عاوز أبقى زي حد.. العيال دي مش عارفين قيمة القرش.. بيشتروا حاجات ما لهاش الازمة يومياً بفلوس كتير .. أنا مش محتاج أشتري من الكانتين أي حاجة... جلست أمه معه قرابة نصف ساعة تتفرس في ملامحه كمن نسيته في الأسبوع الذي غابه عنها أو لعلها كانت تخشی نسیان ملامحه فتحاول أن تحفرها في ذاكرتها..
طيب يا حبيبي أنا هامشي.. عاوز أي حاجة؟ نطقتها أمه وهي تنظر إليه بحزن وشجن في نهاية وقت الزيارة المسموحة لها.. فأطرق وهو يرد: كنت عاوز أطلب منك طلب بس يا ريت ماتزعليش مني..
قول يا حبيبي لازمك أي حاجة؟ ما تتكسفش.. عاوز إيه؟
تردد في خجل وأطرق برأسه أكثر .. قبل أن يستجمع رباطة جأشه وهو يقول: - ممكن لما تبقي تيحي تانى تبقي تلبسي فستان شيك شوية عن اللي انتي لابساه ده؟! حولت أمه عينيها إلى جميع أولياء الأمور في مكان الزيارة بجوارها وهى : تحدق في ملاب
ثم نطقت في خجل: حاضر يا "عبدالفتاح".. اعذرني يا ابني ما كنتش اعرف إن أهل زمايلك مستوياتهم عالية كده...
- أنا آسف يا أمي لكن...
قاطعته بابتسامة خجلة قبل أن ترد في خفوت:
فاهمة يا - يا حبيبي فاهمة
أمي.. انتى ممكن تدخري الفلوس اللي عاملة في حسابك تديهالي وابقي هاتي بيها فستان شيك.. أنا مش عاوز فلوس .. أنا عاوزك تبقي زي الناس دول.. مش عاوزك تبقي أقل منهم.. عاوزك تبقى أحسن منهم..
قالها وهو يجول بصره في أهالي زملائه سيدات ورجال بملابسهم الغالية.. وبرفاناتهم التي تصل إليه هو وأمه. ثم قبل يدي أمه في حنان واستعطاف وهي تودعه وتتصرف وعلى وجهها تجة حزن مشوبة بالخجل.. ابتعدت عنه فابتعد هو أيضاً دون أن ينظر لها و كأنه يخشى أن يعرف أحد أنها أمه.. فقد كانت ملابسها ورغم أنها حيدة إلى حد ما إلا أنهاتكشف رقة حال صاحبتها قياساً بملابس باقي أولياء أمور باقي الطلبة...
رف صوراً متوجهاً إلى مكتب الصول " جمال " مساعد تعليم المدرسة الذي استقبله
تعال با «عبد الفتاح».. ها؟ مين التي جالك في الزيارة؟
أمي يا فندم
اوعى تكون اشتكيت لها من المعاملة هنا يا «عبد الفتاح».. وخصوصاً معاملتي؟ أبداً والله يا ما أنا قلت لها إن المعاملة هنا ممتازة وإنك بتعاملني زي والدي
الصول "جمال"
- اسمع يا عبد الفتاح» أنا محتاج إنك تبقى جنبي في المكتب باستمرار وتشتغل معايا...
اشتغل مع حضرتك في إيه؟ يعني تشيل دفاتر .. تودي دفاتر .. اولاد اللى هذا كلهم من نوعية بابا وماما.. والصنف ده
مش ينفع في الشغل.. انت واضح عليك إنك بتاع شغل...
طيب والمدرسة والحصص؟
ضحك الصول " جمال " بصوت عالي وهو يرد بسخرية :
- مدرسة ؟! حصص؟ انت عبيط يابني؟ انت هاتشتغل مع أقدم صول في المدرسة يعني هاتاخد نمر كويسة في الامتحانات من غير حتى ما تمتحن لو حبيت؟
- إيه؟ نمر كويسة من غير امتحانات إزاي ده؟ من غير مذاكرة ؟
ايوا الصول جمال هنا كلمته تمشي على اى حد حتى المدرسة نفسها.. ما تشغلش بالك
انت بس .. موافق؟
كان العرض أكبر من أن يرفضه وخاصة أنه سوف يرحمه من عناء المذاكرة وقلق الخوف من الامتحانات والرسوب فيها.. ماذا؟ الرسوب؟ عندما تذكر الرسوب سرح بخاطره..
ماذا لو رسب وطردوه من المدرسة؟ سيكون كمن طرف من الجنة إلى النار.. بالفعل.
أخطر ما يواجهه حالياً...
وخاصة أنه في الأيام السابقة ذاق الويل في مجرد استيعاب دروس المدرسة المعقدة الخاصة يعلوم الطيران ولم يفهم منها أي شيء... إن ما يعرضه عليه جمال فرصة لا تعوض.. طوق نجاة آخر يلقيه له أقدم صف ضابط في المدرسة الجوية.. سيقبله فوراً دون أي ترديد...موافق طبعاً يا افندم.. لكن عندي سؤال؟
- سؤال إيه؟
بس أنا شوفت حضرتك بتأدي التحية لضابط من الطيارين اللي بيدرسوا لنا مواد الطيران الفنية؟
يعني حضرتك إزاي يبقى ليك كلمة عليه وانت بتقف قدامه انتباه؟!
قهقه الصول " جمال " ضاحكاً للمرة الثانية وهو يجيبه: يا بني الحاجات دي كلها شكليات.. بروتوكول .. ولازم يتعد قدام الناس لكن في الباطن أنا اللي بصحح للطلبة وبنجح اللي على كيفي.. فهمت؟
شد قامته واعتدل وهو يهتف بشكل مسرحي مقلداً جنود الخدمات الذين يشاهدهم في المدرسة
- مفهوم با افندم
غمز له الصول " جمال " بعينه وهو يرد:
- تعجبني.. دلوقتي بقى لازم تعرف هاتعمل إيه.. انت بقيت السكرتير بتاعي يعني تمسك في إيدك الدفاتر والقوام بتاعة التمام على المدرسة وهخليك كمان حكمدار فرقتك كلها... يعني كل زمايلك اللي في دفعتك ها ينتقدوا كلامك وها يخافوا منك وهنا يعملوا لك ألف حساب.. وكمان الطلبة بتوع منة ثانية وثالثة هايبقى ليك كلمة عليهم.. هايعاملوك زي ما بيعاملوني .. كرامتك من كرامتي وغضبك من غضي واللي يفرحك يفرحي والتي يزعلك يزعلني.. اللي ها ترضى عنه ها يعرف إني كمان راضي عنه...
عبدالفتاح فتح فاهه من فرط دهشته مما يسمع قبل أن يردد في ذهول:
- طبعا يابني.. دا غير امتيازات ثاني كتير قوي ها تعرفها في وقتها.. مش عاوز أحرقها لك..
مش عاوزك تستعجل انت معايا هاتشوف الخير كله...
- طيب ممکن سوال یا افندم؟ اتفضل اسأل..
هو حضرتك مافيش حد شغال معاك ليه ؟
- لا طبعاً كان في طالب شغال معايا.. لكنه التخرج السنة اللي فاتت.. أصل اللي بيشتغل معايا من سنة أولى يفضل معايا لحد ما يتخرج.. اعمل حسابك على كده...
حاضر با افندم
ودلوقتي بقى استلم الشغل.. دا دفتر الغياب عن الطوابير .. اللي بيتخلف لأى سبب تكتب اسمه هنا حتى لو عيان...
طب وإيه الدفتر الأحمر ده يا افندم؟
ابتسم الصول " جمال " وهو يردد بخبث:
لا دا بعدين شوية هابقى اعرفك وظيفته.. دلوقتي بقى خد شنطة الهدوم دي واطلع على العساكر اللي في الحمام بيغسلوا الهدوم.. قولهم عمكم "جمال" باعت لكم غيارين عاوزكم
تغسلوهم بسرعة وتبعتوهم عالمكوجي.. فاهم؟ قالها
تمام با افندم
وهو يؤدي التحية العسكرية في احترام ووقار قبل أن يحمل حقيبة الملابس الخاصة بالصول جمال ويذهب إلى حيث أمره
وصل إلى حمامات الجنود البعيدة في أقصى مكان بالمدرسة عن أماكن الطلبة.. وجد طالبين يجلسان على وعاء كبير واسع يغسلان فيه بعض الملابس العسكرية والملابس الداخلية البيضاء بينما يعاونهما جنود أخرون في باقي أعمال الغسيل الأخرى.. رمقه أحدهم بنظرة ساخرة وهو يحمل حقيبة الملابس.. قبل أن يردد ضاحكاً على مسامع باقي أصدقائه... السيكا الجديد وصل يا رجالة..
لم يعرف معنى الكلمة التي تفوه بها الجندي ولم يعرف لماذا ضحك كل الموجودين على العبارة التي نطقها زميلهم ولكنه أطرف في خجل قبل أن يبدأ في الكلام معهم:
الصول " جمال " باعت لكم..
قاطعه أحدهم بسرعة وهو يهتف بحدة:
- سببها عندك وامشي ...
هم أن يكمل حديثه ولكن نظرات غاضبة في أعين الجنود له جعلته يتصرف بسرعة دون أن يكمل عليهم الأمر ...
عاد إلى الصول "جمال" وأبلغه ما حدث.. فتقلصت عضلات وجهه وهو يرد في غضب: بقى كده؟ طيب أنا هاربيهم من جديد.. أصير بس لما افضى لهم ولاد الزانية دول... شيء ما جعله يرضى بما قاله الصول "جمال" ربما تكون شهوة الانتقام من الجنود الذين سخروا منه ... بعدها كلفه "جمال" بعض الأعمال الأخرى.. قبل أن ينتهي نهار يوم كان قد عرف تقريباً أغلب ما يطلبه جمال.. من أول دفاتر التمام على الطلبة و حتى مقدار ما يطلبه من سكر في كوب الشاي الخاص به ...
انت أهلك شكلهم فقرا زي حالاتي با «عبد الفتاح»...
فاجأته العبارة التي نطق بها "جمال" وحشي أن يكون عرف ذلك من رقة حال أمه فأطرق في
حجل قبل أن يسأله:
وعرفت إزاي يا افندم؟
ودي عاوزه سؤال؟ يابني أنا ياما ورد عليا هنا طلبة من كل مكان في مصر.. الفقرا بيبقى ليهم طلة زي طلتك .دي.. والأغنيا ليهم هيبة.. الجواب ببيان من عنوانه.. فالها وهو ينظر إليه من رأسه وحتى قدميه. وقتها ازداد حجله وهو ينظر لنفسه ليحاول أن يعرف ما الذي يبدو عليه جعل "جمال" يعرف مستواه.. سرح قليلاً قبل أن يقرر تناسي الأمر كله فعلا با افندم.. احنا حالنا على قدها وعايشين برة يوم بيوم
- ماهو اللي أنا مستغربه إزاي قبلوا أوراقك هنا؟ مين واسطتك وانت فقير كده؟
والله ما اعرف يا فندم النصيب بقى
- انت هاتلف وتدور عليا؟ هو انت فاكر إن في حاجة تخفى عني؟ يبقى لسه ما تعرفش
مين الصول "جمال عبد الرحيم "
- أبداً يا افندم.. دا ظابط كان والدي عمل له شغل في فيلته
شغل ؟ شغل إيه؟
تردد «عبد الفتاح» قليلاً وقد حتى أن تكون العبارة التي لقنها إياه "لطيف" استعداداً السؤال مثل هذا لم تنطل على الصول " جمال " قبل أن يقرر استئناف الكذبة:
شغل أويما يا افندم
- انت أبوك بيشتغل في الأويما؟
أطرق في خجل وهو يوميء، برأسه إيجاباً.. فاستطرد "جمال"
غريبة؟!.. دي تقريباً أول مرة تحصل من فترة طويلة في المدرسة.. لكن على كل الأحوال
انت جيت من السما...
قالها " جمال" وهو يبتسم في حيث.. فراد خجله أكثر ...
ممکن بقى اقدر اطلب من حضرتك طلب؟
هو ممكن التي قلتهولك يبقى سر وما تقولش لزمايلي عليه...
ساخراً رد عليه " جمال" بسرعة:
ودي تيحى برضو ؟!.. ما تقلقش يا سيدي
اشكرك يا اقدم.. أي أوامر ثاني؟
إيه تعبت من الشغل معايا النها ردة؟
رد حماسي شديد
- لا أبداً.. أنا مش بتعب من الشغل... أنا عاوز أوامر ثاني عشان أعملها.. مش بحب اقعد
شهد "جمال" بارتياح قبل أن يصرفه قائلاً:
لا خلاص انصراف على السكن وبكرة أول ما تسمع نوبة الصحيان تيجى عندي
طيب والتمام يا افندم والحصص؟
تمام إيه؟! أنا اللي هاخد التمام وانت حتي.. الحصص مش ها تحضرها تانى.. خلاص بقيت السكرتير بتاعي الخاص.. احنا ها نعيده ثاني ..؟ نطق " جمال" عبارته الأخيرة بلهجة غاضبة.. ما جعله ينكمش وهو يرد عليه ! مفهوم يا افندم مفهوم
قالها وهو يؤدي التحية العسكرية لـ الصول " جمال " في قوة ووقار قبل أن ينصرف إلى السكن الخاص بالطلبة.. وفى طريقه إلى السكن كان سعيداً بما وصل اليه.. كان ما يحدث معه يفوق التصديق!.. لن يحضر أية حصص ولن يتعرض له أحد من ضباط الصف بالسباب كعادتهم معه.. سيكون ذا أمر نافذ على زملاء دفعته. سيكون ذا أمر نافذة على زملاء دفعته.. أصبح يمتلك سلطة ...
ولو كانت حتى على زملائه الطلاب فقط.. ولكنها ستظل سلطة..
سيحاول استغلالها كلما أمكن له... الآن فقط مسح عنه حديث " جمال " عن منصبه الجديد كل إحباطه من مستوى زملائه... تساوى الرؤوس أنتم أغنياء وأنا قائدكم.. أنتم تملكون المال.. وأنا أمتلك منصباً أعلى منكم
الآن فقط غادره القلق من الرسوب في المدرسة والطرد من الجنة...
الآن فقط شعر أن الدنيا تبتسم له من جديد...
الى القاء في الجزء السابع
0 Comments: