سلسة كشف الطرف الثالث" الرئيس  " اســتــجــواب  " الجزء السادس عشر  🦅

سلسة كشف الطرف الثالث" الرئيس " اســتــجــواب " الجزء السادس عشر 🦅


 سلسلة كشف "الطرف الثالث" الرئيس  " اســتــجــواب  " الجزء السادس عشر  🦅

محمد عنان - وفقا لمصدر أمنى

استجواب 
السابع من أكتوبر 1981

كان الخطاب الذي تلقاه "لطيف" هذا الصباح يحمل عنوان "هام جداً وعاجل جدا" كانت تعليمات واضحة بشأن الضغط في اتجاه القبول والترحيب بحسني مبارك رئيساً للجمهورية بعد اغتيال السادات على أن تتضمن الندوات المصاحبة لاحتفالات أكتوبر التركيز على أفضال الرجل في حرب التحرير وقيادته البارعة للضربة الجوية..

وتعليمات أخرى بزيادة عدد الندوات اليومية تحت أكثر من مسمى على أن تصب كلها في مصلحة التبشير بحسنى مبارك كبطل أسطوري تنتظره البلاد وتتمناه بشدة في هذه المرحلة الدقيقة من عمرها.. 

كما تضمنت التعليمات توجيه الدعوة لأساتذة الجامعات وعدد من خطباء المساجد الكبرى مسموعي الصوت وبعض شباب الصحفيين.. بالإضافة إلى مجموعة من رموز العمل الطلابي..

 على أن يكون التحرك في هذا الاتجاه سريعاً جداً. وفوراً قام "لطيف" بالاتصال بالفريق "سعيد طاهر" طالباً منه عدداً أكبر من قيادات القوات الجوية المشهور عنهم ولاؤهم لنائب الرئيس ممن خدموا معه في أثناء الحرب للحديث عن بطولاته في أكتوبر وعندما أملاه سعيد بعض الأسماء التي يضمن حضورها للندوات اتفقا أن يلتقيا سوياً مساء اليوم في الزمالك ثم أخر المحادثة وقام مباشرة بالاتصال بالصحف الثلاث ليبلغهم بتنزيل إعلانات عن عناوين ندواته اليومية المكثفة ومواعيدها خلال الفترة القادمة...

وقع خبر اغتيال السادات عليه كالصدمة! فقد كان يحبه بشدة وخاصة بعد جنوحه للسلام مع إسرائيل.. حلم به أكثر من مرة.. في إحداها أدى له التحية العسكرية فردها الرئيس بتواضع وفى حلم آخر تحدث معه الرئيس شخصياً!.. أصدقاؤه في مأمورية أمريكا يقرءون الصحف أمامه التي أكدت على أن ضباطاً من الجيش هم من اغتالوا الرجل!.. المحلات الغربية التي كانت قد تنبأت باغتيال الرجل أفردت مساحات واسعة مرة أخرى لعدد من المحللين الذين أسهموا في ذكر سلبياته وبخاصة أنه في الآونة الأخيرة انعزل عن كل المجتمع المحيط به واختلف مع كل القوى السياسية تقريباً ما ظهر جلياً في اعتقالات سبتمبر التي طالت كل الرموز السياسية من مختلف الأطياف والاتجاهات.. عدد قليل من المحللين أرجع الحادث إلى كونه ردا قويا من الجيش على اغتيال وزير الدفاع السابق وباقي القيادات في حين ان العسكريين القتلة كلهم من ذوى المرجعية الإسلامية وقتلهم للرجل كان رفضاً منهم للصلح مع اليهود.. 

ولم يشفع لأصحاب هذه الفرضية أن الرئيس الراحل كان قد أعلن أكثر من مرة وقوفه في جانب الجهاد الإسلامي في أفغانستان ضد الجيش الروسي بل وإرسال كل من يود التطوع من الإسلاميين إلى كابول للقتال مع جماعاتها المجاهدة.. كان ميالاً بشدة لتصديق السبب الأخير.. إنهم الضباط الإسلاميون بالفعل تذكر الآن أن "خالد حماد" كان يحمل علامة الصلاة في منتصف جبهته.. وكان يرفض تعذيب الجنود.. ولأن الاسلاميين يمقتون اليهود فالدافع بالفعل موجود.


في اليوم الأخير لبعثته التدريبية كان المحاضر أحد صقور البنتاجون.. جنرال من أصول يهودية كرس وقت المحاضرة بالكامل للحديث عن الإرهاب الإسلامي وكيف أنه هو السبب الرئيس في اغتيال السادات.. أكد في محاضرته أكثر من مرة على أن الخطر الجديد الذي يداهم العالم ويقف في وجه تقدمه وتطوره هو الإرهاب الإسلامي.. أما "عبد الفتاح" نفسه وبعدما استرجع ذكرياته مع اللواء "خالد حماد" فلم يكن في احتياج لمن يحرضه أكثر على كل من يحمل السمت الإسلامي. 

عاد من رحلته ليحد أغلب القيادات القدامى في إدارة المخابرات الحربية قد تم إحالتهم للتقاعد ومنهم من تم اعتقاله بتهم تتأرجح ما بين المشاركة في اغتيال رئيس الجمهورية أو الإهمال الجسيم الذي أدى إلى الاغتيال!..

وكانت أولى المهام الموكلة إليه استجواب بعض القيادات والجنود الذين تواجدوا في موقع الحادث.. ضباط من كل الرتب وصف ضباط وجنود مساكين أوقعهم حظهم العثر في التواجد بمحيط منصة الاغتيال.

وفى إحدى الزنازين الرطبة تحت سطح الأرض في مبنى المخابرات الحربية كان أول استجواب له في مهمته الجديدة..

اسمك وسنك ودرجتك؟

قالها ببرود للجندي الهزيل المعلق أمامه من يديه وقدمه مكبلة


عريف مجند أحمد فؤاد 25 سنة.. مهندس ميكانيكا

مهندس إيه؟ هو انا ها وظفك؟!.. رد على قد السؤال.. كمان انت هنا مسجون ومتهم.. اسمها عريف متهم.. ما فيش حاجه اسمها عريف مجند.. دا كان زمان قبل ما تعض الإيد اللي اتمدتلك  وتقتل رئيس الجمهورية


أنا ما قتلتش حد... وأظن التحقيقات كلها أكدت....

قاطعه بصفعة قوية من يده رجت جسد الجندي المسكين في عنف وهو يصرخ فيه: أكدت إيه يا روح أمك؟ إنت ها تتفلسف من أولها؟ شكلك ها تتعبني..


قالها ثم صرخ في أقرب مساعديه:

تحرك مساعده بسرعة ولمس جسد المجند العاري بسلكي كهرباء فارتج جسده في عنف وصرخ بشدة من الألم.. مرت ثانيتان فأشار بيده للمساعد الذي ابتعد عن جسد المجند وانت  علقت عريف امتي وإزاي؟


قائد اللوا بتاعي هو اللي رقاني لما ابتكرت لهم وسيلة توفر فلوس في بعض قطع الغيار في الحملة.. دا كان بعد 5 شهور من تجنيدي..

قبل أن يستطرد المجند بسخرية لا تتماشى مع ما هو فيه:

وأظن الكلام ده مدوّن عندك في ملف خدمتي.. هو مش الملف في إيدك والمفروض إنك

قريته واطلعت على كل حرف فيه؟

انت ها تعلمني إيه المفروض... اخرص

قالها ثم ألقى نظرة سريعة على ملف الجندي قبل أن يعاود سؤاله مرة أخرى:

التحريات بتقول إن الخيمة بتاعتكم كلها كانت سهرانة في محيط منطقة العرض العسكرى

لحد الفجر .. كنتوا سهرانين ليه؟

رد المجند بسخرية أكثر :

الناموس ما خلناش تعرف تنام

تجاوز لهجة السخرية هذه المرة وسأله: وزمايلكم اللي قالوا إنكم كنتوا بتصلوا ؟


هو في قانون في الجيش يمنع العسكري إنه يصلي؟ عاجله بصفعة أخرى أشد من الأولى وهو يرد:

-

أنا اللي بوجه الأسئلة هنا يا ابن الكلب

أه كنا بنصلي وبندعي ربنا إن العرض يعدى على خير ..

قالها الجندي بمرارة قبل أن يستطرد بلهجة أسى

ويزيح عنا الغمة!...

ابتسم في تشف وهو يشير لمساعده مره أخرى موجهاً حديثه للجندي:

يعني انت قصدك إن الرئيس السادات كان غمة؟ ودا اعتراف منك بإنك كنت ناقم على حكم الرئيس الراحل !... قالها ثم نظر لمساعده الذي تحرك صوب الجندي بأسلاك الكهرباء

مرة أخرى ولمسه يعنف فارتج جسده بشدة وهو يصرخ قبل أن يغمى عليه... حضر الطبيب على عجل وقام بالكشف على الجندي سريعاً قبل أن يهتف بقلق: عنده Nervous Shock شديدة جداً.. ولو سمحت اوقف استجوابه فوراً


يعنى إيه اللي قلته ده؟ كلمني عربي لو سمحت..

صدمة عصبية من النوع الخطير واحتمال يموت منك يا افندم

رد باستهتار

وفيها إيه يعني؟ ما يموت والا يغور في داهية؟ انت ها تعلمني شغلي؟

يا افندم دا شغلي ولو سمحت تأجل استجوابه لما يخرج من الحالة اللي هو فيها... قالها الجندي الطبيب قبل أن يردف وهو ينظر له باشمئزاز : دا لو خرج منها ..

لمح نظرة الاشمئزاز على وجه الطبيب المجند فسأله بخبث:

-

هو دفعتك؟

رد الطبيب بتحد:لا ما اعرفوش.. العمل الطبي ما لوش علاقه باللي حضرتك بتقوله.. اى كان..العسكري بالنسبة لي حالة مرضية.. وواجبي يحتم عليا إنى أطلب نقله ده حالاً للمستشفى

کمان مستشفى ؟!.. لا طبعاً.. يتعالج هنا.. مفهوم؟

قالها بصرامة دون أن ينتظر رد وأشاح بيده وابتعد عنه

 كان أكثر ما يكرهه طيلة حياته العسكرية هم المجندون الأطباء والمهندسون الذين كانوا يذكرونه دوماً بجهله وغبائه.. كان كلما التقاهم يتذكر المصطلحات الأجنبية الصعبة التي كان يتجاوزها في الكلية ولا يستطيع نطقها.. يتذكر معهم أيضاً خط يده في الكتابة الذي كان صعبا على القراءة .. كان يمقتهم بشدة.. كان يتمنى دائماً لو اقتصر التجنيد على المؤهلات المتوسطة من . حملة الديبلومات الفنية أو حتى الأميين فقط !

ولكنها القوانين العسكرية مع الأسف...

إن الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد بعد أن اغتالت يد الإرهاب الآثم بطل الحرب والسلام يحتم علينا أن نقف جميعاً مع الرئيس حسني مبارك لاستكمال مسيرة الاستقرار ... ونحن إذ نقف خلقه فإننا نقف خلف قاهر إسرائيل وكابوس نومها بطل الضربة الجوية الأولى التي مهدت الطريق لانتصار أكتوبر.. نقف مع ابن مصر البار وبطل جيشها الصنديد الذي أذل إسرائيل وأذاقها الهوان.. والذي لولا خطته الحكيمة في الحرب ما انتصرت مصر ولا جيشها "

هذه الكلمات الرنانة المؤثرة أنهى اللواء طيار "فاروق سلام خطبته العصماء في الجمع الحاضر لندوة أقامها "لطيف" تحت عنوان " نعم للاستقرار ... والذي ما إن أنهى خطبته حتى التهيت أكف الحاضرين بفعل التصفيق الشديد للكلمات المؤثرة.. ولم تنسن سيدات المجتمع الراقي اللاتي كن في مقدمة الصفوف كالعادة أن يزرفن الدمع تأثراً بما قاله سيادة اللواء...
 كانت الندوات التي يعقدها "لطيف" قد بدأ يذيع صيتها ويحضرها بعض السفراء العرب والمسئولون التنفيذيون بالحكومة وبعض مراسلي وكالات الأنباء الكبرى.. بعد أن بات "صالون سميرة الثقافي" الملحق بجاليري فيلا "لطيف" بالزمالك واحة تجمع كل عاشقي الفن والسياسة والأدب والتراث بالإضافة إلى التحف الفنية.. 

كان الحاضرون قد التفوا حول اللواء "فاروق سلام" لالتقاط الصور التذكارية معه كعادة تلك الندوات التي يحضرها قادة أكتوبر بينما مال الفريق "سعيد طاهر" على أذن "لطيف" يهمس له ساخراً:

شوفت صاحبك بيحزق إزاي؟

خليه يحلل القرشين اللي واخدهم دا طلب 200 جنيه في الساعة اللي قعد يتكلم فيها زي ما يكون ها يحاضر في السوربون


قالها ثم قهقه ضاحكاً بصوت عالي فغمزه "سعيد طاهر":

مش عارف على إيه ما الراحل كده كده فاز في الاستفتاء اللي اتعمل وبقى رئيس ما هو الأمر بردوا محتاج تعضيد ودعم ونشر روح الوطنية في الظرف العصيب ده ارتسمت نظرة ساخرة على وجه "سعيد طاهر" ورد عليه ضاحكاً:

أنا بقول كده بردو

ارتفعت ضحكاتهما تشق الهواء بينما كانت أضواء القاعة قد خفتت لتتيح لضوء ماكينة العرض النفاذ إلى الشاشة البيضاء الكبيرة التي بدأت في عرض مقطع مسجل للرئيس الجديد بملابسه العسكرية وقت الحرب وهو يشرح خطوات وأهداف الضربة الجوية ودورها في التمهيد للعبور.. قبل أن يعلو التصفيق مرة أخرى...

تردد أخوه الأصغر وهو ينظر إلى اللوحة المعلقة على باب شقته والمكتوب عليها بخط عريض المقدم عبد الفتاح السيسي - القوات المسلحة" قبل أن يضغط على زر جرس الباب... مرت دقيقة قبل أن يفتح له هو بنفسه الباب ويستقبله ببرود:

تعالى ورايا على أوضة الصالون

تبعه أخوه بقلق وما إن جلس حتى أخرج من حقيبة معه عدة رزم من أوراق البنكنوت ناولها

له بسرعة وهو يتمتم:

دا نصيبك من آخر صفقه 20 ألف جنيه زي ما طلبت

المرة اللي جاية تفهم إخواتك يزودوا نسبتي شوية

اللي تقول عليه يمشي

رمقه بنظرة متململة قبل أن يخرج من جيبه ورقة ويناولها له هامساً:

دي قايمة بالمنتجات اللي ها يتوقف استيرادها الشهر اللي جاي لمدة سنة .. فهم إخواتك إنهم يشتروا منها كميات كبيرة كالعادة...

كان بحكم عمله قد بدأ يطلع على بعض التقارير الاقتصادية للحكومة والتي ترد إلى المخابرات الحربية لطلب الرأي والمشورة ومن بينها بعض قوانين حظر الاستيراد الدورية البعض السلع والمنتجات أجنبية الصنع.. وقد وجد أنه يستطيع تحقيق بعض المكاسب لو أمر إخوته بسرعة شراء كميات كبيرة منها وبيعها بأسعار عالية بعد حظرها ...

استطرد كمن يحث ضيفه على الانصراف

مفهوم؟

رة أخوه متطأطئا رأسه:

ماشي.. أمرك يا أخويا

قالها أخوه وهبْ واقفاً لينصرف فاستوقفه بإشارة من يده وأشار له على الجهة الأخرى من

الشقة وهو يوجهه بتكبر ممزوج بالقلق:

لا... اخرج من السلم الثاني !

كان اجتماعاً هاماً مجموعة حكماء صهيون الجدد قد بدأ للتو بحضور رئيس جهاز الموساد نفسه للتباحث والنقاش حول الأوضاع الجديدة على الصعيد المصري.. فقد كان لإسرائيل وأمريكا ما أرادتا وتمت إقالة وزير الدفاع الأكثر شعبية "محمد عبد الحليم أبو غزالة" وتولى بعده "يوسف صبرى أبو طالب" أحد القيادات المنسية عديمة الشعبية والذي تم استدعاؤه لقيادة الجيش بعد أن كان قد أحيل للتقاعد وتولى منصباً تنفيذياً كمحافظ للقاهرة.. قبل أن يقوم مبارك مرة أخرى بإقالة " أبو طالب" و تعيين قائد الحرس الجمهوري الفريق حسين طنطاوي" وزيراً للدفاع...

. هل ارتضى المشير أبو غزالة ما آلت إليه الأمور

سال كبيرهم مدير الموساد فرد بتحفظ:

معلوماتنا تؤكد أنه راضي تماماً بما حققه ولن يفكر أبداً في أي رد فعل.. وما يساعد على هذا أن الرئيس المصري وضعه كالعادة تحت رقابة المخابرات الحربية طيلة الأربع والعشرين ساعة !..

-

ولكننا نعلم أنه صاحب شعبية طاغية في الجيش وحتى بين المدنيين المصريين! نعم ولذلك كان مبارك حريصاً على إقالته تماماً.. والآن يجري العمل في الجيش على كشف الضباط شديدي الولاء له وإحالتهم فوراً للتقاعد.. لا تقلقوا يا سادة فقد مرت إقالة "أبو غزالة" على نحو شديد السلمية لم يكن أكثرنا تفاؤلاً يتوقعه!

-

وماذا عن الرجل الجديد؟

الرجل الجديد هو أحد الحمائم في الجيش المصري.. ضابط مطيع ولا يملك أي طموح سياسي ولا يحب السياسة أصلا...

وهل له رجاله؟

لا لم يبني شبكة رجاله حتى الآن والسبب هو قصر المدة التي شغل فيها سلفه "أبو طالب" للمنصب.. وهو بالتالي يعتقد أنه لن يستمر طويلاً... با جنرال الفترة القادمه نقترح أن يتعارف رجالنا في الجيش المصري أكثر .. حتى بدون أن يعرف كل منهم قرب الآخر لنا

مط مدير الموساد شفتيه وهو يتساءل:

يتعارف؟! لا أفهم يا سيدي ما تقصدونه بهذه العبارة؟

اسمع يا جنرال.. الفترة القادمة حاول أن تتدخل بطريقة مباشرة أو حتى غير مباشرة لخلق علاقات أكثر قوة وترابطاً بين رجالنا في مصر.. ساعدهم على عقد علاقات مصاهرة ونسب.. حتى لا تجعلهم كالجزر المنعزلة.. نبه على ضباط العلاقات العامة الوصول لسبب يجعل من لقاءتهم عائلية شيئاً دورياً وعادياً.. والباقي هم سيقدمون عليه من أنفسهم.. أو على الأصح أبناؤهم وبناتهم... باختصار .. قربهم من بعضهم عائلياً وهم سيتصاهرون تلقائياً ووقتها سيصبحون أقوى وأكثر ترابطاً.

بدا على مدير الموساد فهم ما يرمى إليه الحكماء فأوما برأسه موافقاً وهو يغمغم: مفهوم يا سيدي.. مفهوم

كانت التقارير السرية التي أدمن للمقدم عبد الفتاح كتابتها في ضباط الجيش ممن ما زالوا يحملون الولاء لوزير الدفاع الأسبق والتي تسببت في إحالة أغلبهم للتقاعد ومحاكمة آخرين يم قد ذاع صيتها حتى وصلت باسمه لوزير الدفاع الجديد الذي ما إن قرأ آخر تقرير وصله مختوما بتوقيع المقدم "عبد الفتاح السيسي" - والذي كان مرفقاً. به اعترافات أحد الضباط منهم .

للمعتقلين بولائه الوحيد للمشير (أبو غزالة) حتى رفع هاتفه مخاطباً مدير المخابرات الحربية نفسه

أخبارك إيه؟

تمام الحمد لله يا افندم الأوضاع مستقرة والأمن مستتب

ابعت لى الضابط المقدم ده اللي اسمه "السيسي"

حاضر يا افندم تعليماتك.. دا ضابط نشيط جداً وهو اللي ماسك ملف "أبو غزالة"

أغلق هاتفه ونظر بفرح لـ "عبد الفتاح" الذي كان دائم الجلوس معه في مكتبه ابسط يا عم معالي الوزير شخصياً طالبك بالاسم.. تقاريرك مسمعة فوق قوي

انتفخت أوداجه وهو يرد بسعادة:

الحمد لله يا افندم تعبنا ما راحش هدر

طب قوم بقى علشان ما تتأخرش عليه أحسن دا من النوع اللي بيحاكم دبان وشه هب واقفاً بسرعة وقطع المسافة إلى مكتب وزير الدفاع في دقائق معدودة

المقدم عبد الفتاح السيسي يا افندم

نطقها سكرتير وزير الدفاع فأشار الوزير له بيده إشارة مفهومة خرج بعدها الرجل
 ودخل 
المقدم "السيسي" مباشرة مطأطئاً رأسه:

أهلاً يا عبد الفتاح تقاريرك كلها أنا ببدأ بيها يومي.. إيه النشاط دا كله؟

رد متصنعاً الاحترام الزائد والرهبة:

تحت أمرك يا افندم

وأخبار صاحبك إيه؟

ملتزم بالتعليمات يا افندم.. ما بيخرجش من بيته غير مرة كل أسبوع وبيقضي فيها تحت الشمسية في نادي الجلاء ومش بيرد السلام على حد... وجهاز التسجيل اللي

في الترابيزة بتاعته مش بيسحل أي حوار من أي نوع..


يعنى انت شايف انه ارتضى باللي وصله

جداً يا افندم ومش ناوي يتكلم في أي حاجة.. وبلغناه تعليمات سيادة الريس بعدم كتابة مذكراته أو التسجيل مع أي قناة أو وكالة أنباء...

يعني الأمور تحت السيطرة؟

تماماً يا افندم

وانت ماسك ملفات تاني غير ملف أبو غزالة" وضباطه اليومين دول؟ أيوه يا افندم أنا كمان ماسك ملف الضباط المتدينين من سنين طويلة والحمد الله الأمور تحت السيطرة تماماً

عظيم.. اسمع يا عبد الفتاح.. مكتبي مفتوح لك في أي وقت انت بالذات أي معلومه تحب تقولها لي ها بلغ السكرتير إنك تيحي من غير معاد.. مفهوم؟

طيب وسيادة المدير يا افندم؟!

مدير إيه ما تشغلش بالك المدير بتاعك عمره ما ها يقدر يزعل...

قبل أن يستطرد بخبث وهو يغمز له بطرف عينه:

وحتى لو زعل.. ابقى بس بلغني!..

فهم ما يقصده الوزير فامتلأت نفسه بالثقة والفرح وهو يرد:

تمام یا افندم.. أشكر ثقة سيادتك...

أيوه بس حافظ على الثقة دي لأنها مش سهلة

رقبتي يا افندم

خرج من مكتب وزير الدفاع وهو لا يكاد يصدق أنه قد أصبح أحد رجال الوزير شخصياً.. ما هذه الخطوة؟! لا إنها ليست خطوة عادية بل قفزة للسماء!.. تذكر أنه بالفعل يتعب كثيراً في قنص واصطياد الضباط ذوي الانتماء للوزير الأسبق ويجهد نفسه كثيراً في العمل لمده 18 ساعة يومياً في نقصي أثرهم ومعهم باقي الضباط ذوي الميول الدينية المتطرفة ممن يُعرف عنهم أنهم يؤدون الصلوات جميعها في المساجد أو ممن يعلم نساء هم مستترات بالنقاب أو الحجاب

والآن بدأت نتائج تعبه في الظهور ...

بدأ الآن يجني ثمار ما ظل يزرعه طيلة السنين الماضية...

ها هي الدنيا تبتسم له مجدداً كما عودته... الآن فقط أصبح أحد رجال وزير الدفاع الجديد...


الى اللقاء في الجزء السابع عشر 


المقال السابق
المقال التالي

الحياه تجارب والسياسة رجاسة والقادم بقراءة التاريخ يستكشف لنا المستقبل

0 Comments: