#سلسة_كشف_الطرف_الثالث " الرئيس" قـبـرص من جـديد  " الجزء الخامس  🦅

#سلسة_كشف_الطرف_الثالث " الرئيس" قـبـرص من جـديد " الجزء الخامس 🦅

 

 سلسلة كشف الطرف الثالث رئـيـس الجـمهـوريـة  قـبـرص من جـدـيد    الجزء الخامس  🦅

محمد عنان - وفقا لمصدر أمنى

قبرص.. من جديد...

لم تكد " سميرة " زوجة الخواجة " لطيف " تفتح عينيها في هذا الصباح إلا وقد أصابتها الدهشة.. فعلى مقربة منها كان يجلس زوجها في مواجهة شرفة حجرة نومهم وقد ظهر عليه أنه لم ينم ليلته كلها ...

- صباح الخير يا " لطيف ".. معقول سهران لدلوقتي من غير نوم؟ فيه إيه؟ - صباح الخير يا حياتي.. أبداً.. الشركة بتاعة قبرص اللي بتورد لنا المعلبات في مشاكل عندها والبضاعة متأخرة ومحتاج إلى أسافر لهم بنفسي..

نظرت إليه بارتياب مشوب بغيرة أنثوية معتادة...

آه.. زي كل مرة يعني.. رغم إنك مش بتبيع معلبات بشكل واسع يعني؟! آه يا خوف لا تكون شايفلك شوفة تانية...

لا يا " سميرة " المعلبات بقالي فترة بوردها للجيش.. من المخازن بتاعتي على الوحدات العسكرية مباشرة وبسعر أحسن من سعر بيعها قطاعي كمان.. وبتحقق مكاسب كويسة. وبعدين مش ناوية تبطلي غيرة بقى ؟ احنا كبرنا على الكلام ده...

ردت مستنكرة بدلالها المعتاد:

كبرنا؟!.. لا طبعا يا حبيبي قصدك انت اللي كبرت.. أنا لسة صغيرة 38 سنة.. انت

بقى داخل عالخمسين.. اتكلم عن نفسك

ماشي يا " سمورتي " الصغيرة .. ها تفضلي طول عمرك صغيرة في عينى وفى قلبى

- اوعى عينك تزوغ كده أو كده على بنات قبرص.. انتي عارفه انى مش ببقى شايف حد قدامى غيرك.. انتى هدية ربنا ومكافئته اللي منورة لي حياتي..

طيب ممكن أسافر معاك المرة دي؟

- حبيبتي.. صدقيني مش هاينفع الأسبوع بالكثير بيكفي الشغل اللي مسافر عشانه... أوعدك إلى أعمل لك سفرية مخصوص تجمعنا احنا الاتنين بس ومن غير شغل ولا أي أعباء تشغلني عنك

وناوي تغيب كام يوم المرة دي؟

أسبوع بالكثير ..

- أسبوع ..... ترجع بالسلامة.. ربنا يحافظ عليك.

- طيب عاوزه إيه من هناك؟

(وهي تغمز بعينها)...

انت وذوقك.. أهم حاجة ترجعلي تانى بقلبك صاغ سليم زي ما ها تسافر ..

(متصنعاً الغضب كمن فهم ما ترمي إليه )

تانى .. هو مافيش ثقة خالص ؟!

(وهي تضع قبلة حانية على حينه)..

لا يا حبيبي.. أنا واثقة فيك طبعاً.. قبل أن تستطرد بدلال:

لكن مش واثقة في بنات قبرص

وقتها ارتفعت ضحكاتهما عالية ترددها حوائط الغرفة

ما إن غادر " لطيف " مطار "لارناكا" في قلب العاصمة القبرصية حتى الحرف يساراً باتجاه سيارات الأجرة المتراصة أمام مدخل المطار الرئيسي..

 ولم يكد يمر بجوار سيارات الأجرة حتى وجد أحد السائقين يشير له بيده وهو يهتف فيه بلغة إنجليزية ركيكة:

- هل من توصيلة إلى الجنة..

انتبه لطيف فجأة للرجل وتوجه له وهو يرد عليه بصوت هادىء

ولكني نسيت صك الغفران في الطائرة

أجابه السائق وهو يفتح له باب السيارة:

- لا تقلق.. تستطيع شراء صك جديد من أقرب كاتدرائية بسعر أقل..

ما إن سمع " لطيف " العبارة الأخيرة حتى دلف بسرعة إلى السيارة مطمئناً.. فلم تكن العبارات التي تبادلها مع السائق سوى كلمة السر التي يحفظها عن ظهر قلب للتوصل إلى مسئولي التعامل . معه من ضباط الموساد في أي مطار في العالم...

عشر دقائق قطعها السائق الشاب في شوارع "لارناكا" دون أن ينبس بكلمة واحدة.. فقط كان دائم النظر في مرأة السيارة الخلفية باستمرار ليتأكد من أن أحداً لا يتبعهما قبل أن ينحرف باتجاه إحدى الفيلات الصغيرة الهادلة التي تختبئ خلف أشجار عالية تكاد تخفيها بالكامل.

  • قبل أن تصل السيارة إلى باب الفيلا مباشرة الفتح باب الفيلا الصغير على مصراعيه قبل أن يغلق مرة أخرى بسرعة فور عبور السيارة منه ...

كان الصمت والغموض يحيط بالمكان حتى إن "لطيف " لم يعرف كيف انفتح باب الفيلا قبل وصولهم إليه ولا حتى من فتحه وأغلقه ولكنه كان قد اعتاد على مثل تلك الأمور منذ أن طلب منه الخواجة " روبير " أن يأتي إلى قرص أول مرة قبل عشر سنوات في أحد خطاباته له.. وقتها قدمه "روبي" لضابط الموساد الإسرائيلي " يوسف ميرزا " الذي تولى مهمة ضابط الاتصال الخاص به وقام بتدريبه على إرسال وتلقي الرسائل بالخبر السري وفك رموزها عن طريق الشفرة.. كما قام بتدريبه على قواعد السرية والحرص المتبعين في تلك الأونة.. كان الضابط الشاب " يوسف ميرزا " هو المسئول عن الملف المعسرى في عملية " الملك داوود حكم نشأته القاهرية كما عرف "لطيف" بعدها .. استغرقته الذكريات وهو يمر من الباب الخشبي الصغير إلى ردهة الفيلا قبل أن تقع عيناه مباشرة على " ميرزا " وهو يمسك برشاش ماء صغير ويقوم بري بعض الزهور

وبلهجة مصرية عامية يشوبها الود المتصنع عاجله " ميرزا ":

أهلاً يا خواجة " لطيف ... طولت الغيبة علينا المرة دي...

صافحه لطيف وهو يتصنع وداً زائفاً هو الآخر:

أهلا يا سي " يوسف ".. انت الوحيد اللي بتحسني إني لسة في مصر وما ركبتش الطيارة ولا جيت على قبرص ...

إيه يا خواجة؟ انت ناسي إني من مصر؟ مش قلتلك إن أهلي كانوا جيرانك  في الخرنفش "

أيوه بس انت بقالك كتير سايب مصر معقول لسه حافظ اللهجة المصرية وبتتكلم زينا؟

دا حتى عم " روبير "كان" قاللي إن أهلك هاجروا من مصر وانت لسه صغير ...

أنا فعلا هاجرت وأنا في سن 12 سنة لكني مرتبط باللهجة المصرية قوي.. بمناسبة عم " روبر " يسلم عليك كثير قوي ويشكرك على مساعداتك.. وحتى طلب مني أدبر لكم لقاء مبكر في بداية زيارتك عشان يقول إنك وحشته قوي.. أنا بستغرب من مقدار حبه ليك ... - طبعاً با " يوسف " للعلم " روبير " ده أبويا بمعنى كلمه أبويا.. أنا بستنى زيارة قبرص من السنة للمسنة عشان أشوفه بس.. بالمناسبة هو ها يوصل امتى؟

ها يوصل على طيران شركة " العال " بكرة الساعة 11 صباحاً... هو كمان شكله مستعجل لقاءك..

قالها وهو يسحبه من يده بود إلى مكتب ضخم ويغلق الباب خلفهما في هدوء.. ها يا حواجة " لطيف " أخبار ابنك «عبد الفتاح» إيه؟ تمام... الولد مطبع جداً.. ويأكد في كل تصرفاته وكلامه إن اختياره كان صائب.. دلوقتي هو دخل المدرسة الجوية وأعتقد إنه ينفذ كل اللي وصيته بيه بالحرف الواحد.. أنا عرفته إنه

ها يلاقي ناس كو تقف حبه في أي محنة داخل المدرسة زي ما انت فهمتني.. طبعاً.. رجالتنا هناك عينهم عليه ما تقلقش.. أنا بعت لك المرة دي عشان موضوع مهم جداً..

  • وياترى في أهم من موضوع عبد الفتاح ؟

- ... القيادات متشككين من تقاريرك عن عبد الفتاح» وطلبوا مني كمسئول عنه إعادة تقييم لوضعه النفسي والاجتماعي والمالي والعلمي.. باختصار .. محتاج أسمع منك تاني عن الفترة اللي فاتت وانطباعاتك عنه وعن أسرته وعن ظروفه الأخيرة قبل دخول المدرسة الجوية ... 

قاطعه لطيف بحدة الولد وبباعتهالك  أولاً بأول؟؟ - متشككين؟!.. إزاي تقول كده وانت عارف كويس إني مهتم بكل التفاصيل 

يقاطعه "موزا" في برود وهو يربت على كتف "لطيف":

- إهدا بس يا خواجة " لطيف ... انت عارف إن ده مشروع العمر بالنسبة لنا ولازم تكون متأكدين باستمرار من ارتفاع نسب نجاحه وتحقيقه لهدفنا.. وبعدين التقييم ده هايبقي  بعد کده شيء روتيني و دوري فامش عازوك تقلق بخصوصه...

هز لطيف رأسه في رضا واقتناع قبل أن يرد:

- حيث كده الفضل اسأل...

لا انت ممكن تحكي لى الأول كل اللي حصل بينك وبينه وكل كلمه قالها «عبد الفتاح»

من آخر مرة القابلنا فيها سوا وجهاً لوجه

بدت على ملامح لطيف الدهشة وهو يسأل "ميرزا ":

هو مش المفروض إني بعت لك كل الكلام ده مكتوب !!.. هو في حاجة ما وصلتش؟ لا ما تخافش كل حاجة وصلت لكني محتاج أسمعها منك شخصياً.. انت وراك حاجة؟

اعتبرنا بندردش سوا..

بدأ لطيف في سرد كل التفاصيل التي مر بها مع «عبد الفتاح» في العام المنقضي وحكايات «عبد الفتاح له عن مشاكل أهله وأزمتهم المالية التي كانت تزيد وتتسع.. حكى له الظروف العصيبة التي كان يسمعها من «عبد الفتاح» عن خناقات أبيه الدائمة مع أولاده وكيف أنه يعتبر دخوله المدرسة الجوية طوق النحاة الذي سينتشله من الفقر ويريحه من عناء التواجد مع أسرته ويرفع عنه معاناة القرب منهم.. أكد له يجدداً أن الولد يحمل مشاعر سلبية تجاه أبيه روی له كيف أن «عبد الفتاح» لا يهتم بصداقه أحد ولا يقيم لإخواته حتى الأشقاء منهم..وكذلك  الأصحاب ممن هم في مثل عمره أي اعتبار..

- معلوماتنا بتقول إنه بقاله أسبوع في المدرسة ومش بيتكلم مع حد كثير وحتى مش مصاحب حد زي أغلب أقرانه.. دا كويس لكن مش عاوزين الموضوع يزيد عن حده عشان ما يدخلش في عزله نفسية تأثر على تقييمه السري في المدرسة.. احنا طبعا هانتدخل دايماً في الوقت المناسب لكن مش عاوزينه بيان مش طبيعي قدام مدرسيه وزملائه في المدرسة.. أظن   انت فاهمني؟

- أيوه لكنه بين إيديكم دلوقتي وبعيد عني..

ما هو انت بمجرد ما ترجع مصر ها تعمل له زيارة عادية في فترة التدريب بتاعته في المدرسة.. طبعاً حاول تفهمه إنه يصاحب ولد أو اتنين وتزيل الرهبة اللي جواه.. التقارير تقول إنه تقريباً يخاف يتكلم مع أي حد تنفيذاً لأوامرك ونصايحك.. ودا زيادة عن اللزوم

وأكثر شوية من اللي قلت لك تفهمه للولد وممكن يجيب أثر عكسي...

- طيب مش بتقول إنه تحت عينيكم؟ ممكن ترسلوا له الرسالة دي أسرع مني وبطريقة مباشرة

لا عيوننا هناك ما ينفعش يقوموا بالمهمه دي لانهم بيراقبوا وبيتدخلوا بطريقة غير مباشرة عن بعد.. دي محتاجة زيارة منك للولد لانه يسمع كلامك بشدة ..

- مفهوم.. مفهوم

- كمان مافيش داعي تديله فلوس كثير.. عاوزينه دايماً يشعر بالحرمان وبإنه أقل من اللي حوالي .. هو قريبها يستلم أول مرتب ومش هايبقى محتاج فلوس تاني منك... - انت مش قلت قبل كده إن الفلوس اللي يدفعها له ها نضمن بيها استمرار ولاؤه لينا؟ وكمان يسمع الكلام وينقده؟ - مش في كل مرحلة.. للمرحلة دي محتاجين إنه يبقى مش معاه إلا اللي يكفيه بالعافية.

- ليه بقى ؟ مش كده ممكن يخرج من تحت السيطرة؟ - لا ما تشغلش بالك دا تخطيط علماء النفس والاجتماع بتوعنا وهما أكيد عارفين بيقولوا

ايه كويس - نسيت أقولك إنه كمان تقريباً بدأ يبقى ليه اهتمامات عاطفية.. - نعم ؟!.. اهتمامات عاطفية؟! والكلام ده ما ذكر تحوش في كتاباتك الفترة اللي فاتت ليه؟

- حسيت إنه مش مهم قوي وإنها مرحلة بتمر على أى مراهق في نفس من الولد... لا احنا الفقنا معاك إن أي تفصيلة صغيرة وأي تغير يطرأ على سلوك الولد تبلغنا بيه أولاً

بأول..

على العموم أنا الكلام ده لاحظته على الولد في الفترة البسيطة اللي اشتغلها معايا بعد الحاجه في الإعدادية وحتى دخوله المدرسة الجوية بس يعنى شهرين تقريباً..

طيب إحكي لي إيه اللي حصل؟ ولاحظت إيه؟


كان في بنت يتيحي تشتري مننا ولاحظت إنه في الفترة الأخيرة بيطول في النظر لها وبيحاول يبيع لها دائما بنفسه ويفتح معاها أي حوار...

طبعا أنا ما فوتش الفرصة وسألته عنها وقلت له اللي لاحظته.. لاقيته الكسف وحط وشه في الأرض وقاللي: خلاص بقى يا عم لطيف أنا هابقى ظابط ولازم أفكر في الجواز من دلوقتي

قالك جواز؟! غريبة يعني مش مشاعر مراهقة عادية زي أي حد في سنه؟ أنا استغربت وقلت له جواز إيه يابني انت لسه صغير عالكلام ، . قاللي إن أول حاجة ها يعملها لما يتخرج إنه يتجوز !

في أي تفاصيل تاني بخصوص العاطفة لاحظتها على الولد؟

عرفت إنه راح في أجازة الأحد على سينما قريبة من البيت مع واحد صاحبه والفيلم اللي

دخلوه كان مش ولابد بالنسبة للي في عمره

ولما واجهته قاللي إنه بدأ يشعر إنه راجل ونفسه يبقى زي أصحابه ويواعد بنت في السينما

والكلام ده

الكلام ده علماءنا كانوا منتظرينه من فترة وسألونى كتير عليه

- كلام إيه ؟

وصوله لمرحلة المراهقة والبلوغ- طب وده علاقته إيه بموضوعنا وبالهدف الرئيسي؟

علاقته إيه؟ أي تفاصيل صغيرة في حياة الولد لازم تعرفها وتعرف مشاعره وصلت إلى أي مدى؟ والمتغيرات اللي بنظراً عليه دي هاتسيب في نفسه أي نوع من الأثر؟.. وممكن توصل بيه لا فين؟ كل التفاصيل صغيرة أو كبيره متشابكة ومترابطة ومؤثرة على الشخصية اللي عاوزين نشكلها وتصنعها بنفسنا


وإن كنت مش مستوعب كلامك لكن أكيد انت أدرى بشغلك

- دلوقتي هاسيبك ترتاح ساعتين لإن عندنا شغل كتير قالها وهو يسير مع "لطيف" إلى الغرفة التي أعدوها لنومه.. أشار له بيده على الغرفة وودعه

على وعد بلقاء آخر بعد ساعتين...

افاق " لطيف " من نومه على صوت الهاتف خوار سريره...

استمع إلى محدثه عبر الهاتف وهو يومئ برأسه مرة واثنتين وثلاث.. قبل أن ينهض متثاقلات ويقوم بالاستحمام وارتداء ملابسه.. خرج من الفيلا بصحبة أحد رجال "يوسف ميرزا"

البحد السيارة الأجرة في انتظاره.. ركب السيارة وتوجهت به إلى ميناء "لارناكا" حيث شركة التوريدات التجارية التي يتعامل معها.. تباحث معهم بشكل طبيعي كما تقتضي التعليمات - حول تأخر شحنة المطبات الأخيرة الخاصة به وظل معهم لمده ساعة في مفاوضات على صفقات واتفاقات جديدة قبل أن يقوم بحجز موعد آخر معهم في اليوم التالي للقاء مدير الشركة.. تم أقلته سيارة الأجرة ليعود أدراجه مرة أخرى إلى الفيلا الخاصة

عمار الموساد أو ما يطلق عليه المنزل الآمن في لغة رجال المخابرات...

استكمل باقي يومه مع الضابط " يوسف ميرزا " في التدريب على شفرات حديثة مختلفة.. فكما تقتضي السرية كان يجب عليه من فترة إلى أخرى تغيير طريقة الكتابة ونوعها وحتى

الأخبار.. و عناوين المراسلات كان يتم تغييرها باستمرار ضماناً لاستمرار السرية... هو مش المفروض إن الجزء الخاص بشغلي معاكم على الولد يكون انتهى أو حتى يقل بدخوله المدرسة الجوية؟

قالها ولهجته تحمل نبرة تململ بسيطة.. فرد "ميرزا بابتسامة: - إراي بقى؟.. ليه بتقول كده؟ انت ركن رئيسي في العملية يا خواجة " لطيف ".. انت وصلت لمرحلة إلى الولد اتخذك أب بديل.. يعني هتلاقيه باستمرار في حضنك.. بمجرد ما بيرجع من المدرسة هاتكون انت أول واحد يقابله حتى قبل أمه وأبوه.. عارف ده معناه إيه؟

لا مش عارف

معناه إنك مستمر في العملية لحين وصول عبد الفتاح للهدف المنشود.. التلقين المهم ها يكون من حلالك الحين إشعار آخر.. طبعاً في ناس غيرك كثير هالخطهم قدامه في حياته

ها يستغنى عنك وعن مشورتك أبداً.. وها يساعدوه ريك ويمكن أكثر.. لكن انت أبوه فاهم يعني إيه أبوه؟.. يعني عمره ما

مش فاهم.. إزاي ها يبقى في ناس في حياته ها يساعدوه اكثر مني وابقى أنا أهم منهم في حياته؟

علماءنا لما وضعوا تخطيط لمستقبل .الولد.. كان مهم جداً يكون عنده أب بديل.. يقوم فيما بعد بنفس الدور الروحي لأبوه الحقيقي ودا لإنه مفتقد الدور ده عند أبوه .. فا لازم دايماً ها يبقى محتاج لمرجعية روحية تمثل له القدوة اللي اتحرم منها يبعده عن أبوه ...

فهمت قصدك إن ارتباطه نفسي وروحي طوال فتره حياته

أو حياتك!

- نعم؟!.. حياتي؟

انت ناسي إن المشروع مش هايؤتي ثماره إلا بعد 40 سنه على أقل تقدير؟ وذا معناه طبعاً

إنك ممكن وقتها تكون في عداد الأموات...

قبل أن يستطرد ضاحكاً بصوت عال... - انت ناوي تخلد في الدنيا والا إيه يا خواجة؟

تفهم " لطيف " منطقية حديث " يوسف " فهز رأسه مبتسماً:

أبداً.. يمكن أكون نسيت.. ويمكن نفسي إن ربنا يمد في عمرى وأشوف الولد رئيس

جمهورية والمشروع اللي شاركت فيه بنفسي ينجح

ربنا يسمع منك يا خواجة " لطيف قالها " مرزا " وهو يبتسم في ود زائف كعادته قبل أن يلقى على "لطيف" برنامج و مواعيد

اليوم التالي ويتركه وينصرف ...

  • في اليوم التالي وبعدما عاد لطيف من لقائه مع مدير شركه التوريدات التجارية القبرصية وما إن دلف إلى الفيلا الخاصة بالموساد حتى احتاج الحنين كل خلجاته دفعة واحدة.. فأمامه مباشرة وعلى أحد المقاعد الوفيرة في صالة الفيلا كان للمعلم " روبير" بقامته العالية وشعره الأبيض الناصع يجلس متطلعاً إليه في ود فاتحاً ذراعيه له.. احتضنه لطيف في لهفة وحب

- ابني العزيز " لطيف " وحشتني قوي...

- أبويا ومعلمي وأستاذي انت كمان وحشتني أكثر

بشكرك على مساعداتك.. الأولاد هنا يمدحوا فيك جداً وفى تفانيك في خدمتهم وتنفيذك لكل أوامرهم.. فعلاً انت ابن بار  لي.. ربنا يبارك لي فيك

أفضالك على أكثر من إني أقدر أردها.. أتمنى إن عملي الصغير ده يرد لك جزء ولو جزء صغير من خدماتك وأفضالك يا معلم " روبي "

- انت عملك مش صغير يا " لطيف ... العمل اللي بتقوم بيه من أجل السلام للعالم كله كبير جداً.. وعظيم جداً.. صحيح ممكن أنا وانت نموت قبل ما يتحقق هدفنا إلا إن المهم إنا نضمن للأجيال اللي بعدنا إنهم يعيشوا في سلام.. وإن القوة الغاشمة ما تقدرش تحيرهم على ترك بيوقم وحياتهم ومفارقة أحياهم

يا الله.. لسه فاكر أحبابك في "الحرنقش" يا معلم "روبير ... - الخونفش بس يا " لطيف ... قصدك " الجمالية " كلها.. الموسكي وبين الصورين وخان الخليلي.. تعرف إن الأفلام اللي جبتهالي معاك المرة اللي فاتت أنا تقريباً لازم كل أسبوع

الفرج عليهم؟ كل أسبوع ؟! دول 3 أفلام وكل واحد فيهم تقريباً نص ساعة؟ ما انت عارف كويس حنيني الشديد للأماكن دي. دا لمكان اللي نشأت فيه وكنت وما زلت مرتبط بيه جداً.. أحيانا باسرح وأنا بتفرج على الأفلام واتخيل نفسي رجعت تاني..

أمنية حياتي إني اندفن مع أهلي في مقابر العيلة هناك...

مش ها قدر أوعدك إني أنقذ لك وصيتك دي...

- أكيد طبعاً.. لكن يمكن مشاركتك في المشروع ده ومساعدتك للولاد تكون أفضل شيء

في سبيل تنفيذ الوصية دي

أنا تحت أمرك يا عم "روبر".. انت أبويا وطاعتك دين عليا ليك

كان عندي حق إني أضع ثقتي فيك من زمان طمني على "سميرة" والدكتور وحماتك؟ أخبارهم إيه؟

كويسين.. عال العال.. انت بقى عامل إيه في تل أبيب؟

تشكر الرب.. أنا مقيم في مزرعة و أولادي شغالين في التجارة والحياة إلى حد ما كويسة.. لكني مفتقد جداً قهاوي الجمالية بحسدك على العيشة هناك.. يابختك

حد عارف.. مش يمكن الظروف تتغير وترجع تاني؟

لا ما اعتقدش هالحق أرجع.. لكن أكيد الأجيال اللي جايه ها ترجع تاني.. لازم يكون في رجوع.. العقيدة بتقول كده.. وانتم هتكونوا سبب في تنفيذ أمر الله..

اليهود كلهم مش ها ينسوا لك صنيعك ده يا " لطيف"

حقيقي انت بطل قومي من أبطالنا ولازم يوم اسمك يتكتب في تاريخنا

انت عظيم وخاطرت كثير بحياتك من أجلنا...

استمر حديثهم الشجي طويلاً واستغرقا فيه ساعات...

وبعدها وفى الأيام التالية استكمل "لطيف " ماجاء من أجله.. جلس كثيراً مع أحد علماء النفس اليهود.. لقنه الرجل بعض ما يريدون غرسه في «عبد الفتاح»

قبل أن يلتقي بأحد مهندسي الاتصالات في الموساد والذي دربه على طريقة جديدة

لاستخدام أجهزة الإرسال والاستقبال الحديثة نوعاً ما...

انتهى الأسبوع وعاد لطيف مره أخرى إلى القاهرة وفى رأسه هدف واحد فقط.. الذهاب إلى "عبده" في المدرسة وزيارته وتلقينه التعليمات الجديدة التي أمره بها ضابط الموساد يوسف ميرزا ".. و تعليمات خبير الطب النفسى

لقد تعهد بالتفاني في عمله للمعلم "روبير" أبيه الروحي...

ولن يحنث بعهده...لن يحنث بعهده أبداً...


الى اللقاء فى الجزء السادس 


المقال السابق
المقال التالي

الحياه تجارب والسياسة رجاسة والقادم بقراءة التاريخ يستكشف لنا المستقبل

0 Comments: