سلسلة كشف "الطرف الثالث" الرئيس "الـخـطـوة الأولــى " الجزء الرابع 🦅 |
محمد عنان - وفقا لمصدر أمنى
Follow @3nan_ma
الخطوة الأولى...
بينما كان اللواء سعيد طاهر يجلس خلف مكتبه الضخم ويطالع صحف الصباح التي كانت تنشر تفاصيل إحدى عمليات حرب الاستنزاف وهو يحتسي قهوته في هدوء وتلذذ..
سمع رنين هاتف مكتبه فتناول السماعة في بطء وتناقل...
- أهلا " لطيف ".. أخبارك إيه؟
- أهلا يا سعادة الباشا.. الأخبار أكيد عند سيادتك.. يا رب يكون خير... كل خير .. قرار الاستثناء وصل.. تقدر تبعت أي حد من طرفك يستلمه.. وتقدر تقدم للولد من بكرة الصبح.. أنا وصيت على اسمه في القومسيون الطبي.. أي خدمة تاني؟ أشكرك يا سعادة الباشا.. ألف شكر يا باشا.. ألف شكر ...
- مع السلامة..
أعاد اللواء " سعيد " سماعة الهاتف إلى مكانها بحذر وهو يتلفت وقد بدأ يتذكر بدايات معرفته به " لطيف " ذلك التاجر الشري...
كان لقاؤهما الأول في منزل والد زوجة " لطيف .... حاره الدكتور " ناجي عبد السيد"... كانت إحدى الإجازات التي حصل عليها العقيد وفتنذي "سعيد طاهر" إبان حرب تحدث معه لطيف وقتها عن إمكانية استغلاله لسفره الدائم لليمن في ممارسة
اليمن.. التجارة.. سهل له "لطيف" بعدها الحصول على منتحات خفيفة يحتاجها السوق اليمني بشدة وأرباحها مضمونة ومضاعفة.. وقد حتى من ورائها بالفعل أموالاً طائلة.. ومن وقتها
وطدت الأرباح التجارية من علاقته بـ " لطيف ... وما إن وضعت حرب اليمن أوزارها وعاد "سعيد" إلى. مصر فتمت ترقيته إلى رتبة العميد ومنحه النظام منصباً هاماً في إحدى الإدارات العسكرية في القاهرة.. ومن وقتها زاد التعاون بينهما.. فقد كان "سعيد" يُسهل له أيه تعاملات تخص الجيش أو أية جهة أخرى من تسهيل تجنيد أقارب ومعارف "لطيف" وحتى بعض التوريدات بين محلات " لطيف " وبين وحدات الجيش.. قام لطيف بتوريد بعض المنتجات كالشاي والسكر والزيت والأرز والمكرونة إلى بعض الكتائب والوحدات في نطاق نفوذ " سعيد طاهر .".. كانت المبالغ التي يدفعها "لطيف" له سخية جداً مقارنة بالخدمات التي يقدمها له..
ما كان يطمئنه وقتها أن كل مطالب سعيد تعتير مطالب عادية ويقوم بمثلها أغلب قيادات الجيش ذوي المناصب الهامة كمجاملات مدفوعة الأجر لمعارفهم.. إلا أن "لطيف" مؤخراً بات يتوسع في مطالبه ويطلبها بصيغه أقرب إلى الأمر!.. تذكر "سعيد" في تلك اللحظة البريق المرعب الذي كان يشع من عيني " لطيف " وهو يذكره باتفاقهم القدم.. تساءل في قرارة نفسه.. كيف يجرؤ " لطيف " أن يخاطبه بتلك الطريقة؟!..
هل هي الأموال التي يدفعها له هي من جرأته على الحديث بتلك الطريقة؟.. هل يُوقف تعامله معه عند هذا الحد؟.. ولكن كيف؟ فالمبلغ الذي يحصل عليه منه شهرياً يساوى تقريباً جملة مرتبه في الجيش مرتين.. هذا بالإضافة إلى المبالغ الاستثنائية التي يحصل منه عليه عندما يقوم له بأية مهمات كبيرة.. إذن سينتظر ويصبر على أسلوب " لطيف" مرة أخرى .. سيترك الأمر كله للظروف .. فالمبالغ التي يحصل منه عليها تجعله يبتلع أسلوبه الفظ ويصير عليه .
نشرت شمس يوليو الحارة لهيبها في أركان وحارات وأزقة حي " الخرنفش " كله في تلك الساعة المبكرة من الصباح عندما غادر الفتى «عبد الفتاح» بيته بصحبة أبيه متوجهاً إلى مبنى المدرسة الجوية بألماظة في ضواحي مصر الجديدة.. مر في طريقه على منزل الخواجة " لطيف " الذي كان في تلك اللحظة ينتظره في شرفة منزله وما إن رأه حتى أشار له بالصعود... وما إن دلف «عبد الفتاح مع والده إلى حجرة الضيوف بشقة "لطيف" ومد يده يصافحه
- وضع "لطيف" في يده كارتاً شخصياً يخص عميداً طبيباً قائد القومسيون الطبي.. دا بقى يا " عبده " يكون في جبيبك وتقدمه للظابط اللي ها يكشف عليك النهارده.. عاوزك تكون واثق من نفسك وما تخافش من. حاجة ومش عاوزك مرتبك .. انت متوصي عليك من ناس كبيرة في الجيش يعني كده كده ها تعدي في الكشف الطبي.. وما تقلقش بخصوص طولك هتلاقي ناس أقصر منك.. لكن ما تحاولش تظهر لأى حد إنك عندك واسطة..
- قالها لطيف ثم استطرد وهو يضغط حروف كلماته كأنما يريد نقشها في عقل صبيه نصيحة أخيرة حطها دايماً قدام عينيك وتحتها تلات تلاف خط ما تصاحبش أي حد خالص.. فاهم؟ أي حد..
لو عاوز تبقى راحل مهم ما تصاحبش أي حد خالص.. اتفقنا؟
- اتفقنا يا بابا "لطيف"
قالها ثم نظر خرج إلى والده الذي كان يقف صامتاً وكأنه لم يسمع شيئاً يجرح أبوته.. مد " الطيف " يده يصافحه مودعاً فقبلها «عبد الفتاح» في حنان وهو يردد باستعطاف:
جميلك فوق راسی یا بابا " لطيف "
- ما فيش جميل ولا حاجة يا " عبده " مش اتفقنا إني زي والدك ؟
- طبعاً.. طبعاً
يسحبه والده من ذراعه وهو يسلم على " لطيف" هاتفاً في ابنه:
خلاص يا " عبده "هنتاخر على معاد القومسيون...
عبر «عبد الفتاح» وأبوه باب شقة "لطيف" بسرعة وهو خلفهم يكلم " عبده " هاستناك في المحل لما ترجع ياريت تطمني..
- طبعاً .. أول حاجة هاعملها إني أطمنك...
مع السلامة يا " عبده "
- مع السلامة
ما إن انصرف " عبده " ووالده حتى هرع " لطيف " إلى غرفة نومه وسحب ورقة من درج خاص وخط عليها عبارة واحدة بالحبر السري.. عبارة واحدة فقط قبل أن يقرأها بصوت هامس- عملية " الملك داوود".. تم التدشين
بينما كان «عبد الفتاح» يقف في طابور الكشف الطبي بأحد ممرات المدرسة الجوية في الماظة" بشرق القاهرة منتظراً دوره في الكشف كان قلبه ينبض بشدة من القلق خوفاً من ألا يتم قبوله بسبب قصر قامته الملحوظ..
فقد كان أغلب من يقفون معه أطول منه قامة وأحسن جسداً.. ورغم أن هناك من ضمن رفاقه من هو في مثل طوله وقليلين جداً أقصر منه إلا أن القلق كان ينشب أظفاره في كل خلجاته.. مرت اللحظات بطيئة جداً عليه وهو ينتظر دوره في قياس الطول.. ظل خلالها يسترجع ذكرياته مع عُقدة قامته القصيرة.. تذكر نظرات الفتيات اللاتي كان يحاول ملاطفتهن في المدرسة المجاورة لمدرسته.. تذكر كيف
كانت نظرات الفتيات تتجه تلقائياً لأطول صديق له أثناء سيرهم بجوار مدرسة البنات وتذكر كيف سخرت منه أول فتاة حاول أن يلفت نظرها إليه عندما صرح لها بإعجابه با... كانت حارته في " الخرنفش " وكان دائماً ما يحاول أن يلفت نظرها إليه عندما كان يجمعهم .
دائماً ما كان يتسم لها أو يسبل عينيه لها ومرة واحدة ابتسمت له.وقتها تسلل الطريق.. وتقدم ناحيتها هي وزميلتيها
وقد شغلته ابتسامتها:
أنا عاوز أتكلم معاكي من زمان..
وقتها ضحكت الفتاة بسخرية قبل أن تذكره بما يحاول دائماً نسيانه:
بس انت لسه قصير عالكلام ده
قالتها الفتاة وانفجرت في الضحك هي وزميلتاها بصوت عالي لاحظه أغلب العابرين نگيء رأسه وسار وقتها في طريقه بسرعة محاولاً الابتعاد قدر الإمكان عنهم. شعر بالخزي والفضيحة.. ضحكات الفتيات ترنّ في أذنه دائماً.. حتى الآن.. خوفه من كشف الطول جر عليه صوت ضحكات الفتيات مرة أخرى..
انتبه فجأة على صوت
الشاويش في بداية الصف يهتف فيه بصوت عالي :
اللي بعده.. اتقدم يا طالب.. إيه ما بتسمعش؟ أطرش؟
تقدم إلى ما تحت مقياس الطول وأوصاله كلها ترتجف.. نظر إليه الطبيب قبل أن ينظر في الورق أمامه ...
اسمك؟
نطق اسمه بصوت متردد خائف قبل أن يهتف فيه الطبيب:
- مقبول .. اللي بعده..
تحلل وجهه بالفرحة وهو ينتقل إلى كشف القلب ومد يده للضابط الطبيب بكارت التوصية
وهو يقول بصوت منخفض
اتفضل يا افندم...
تناول الضابط الكارت منه ثم سأله عن اسمه قبل أن ينظر في الورق أمامه لم يضع السماعة على صدره بطريقة روتينية قبل أن يشير له بالانصراف توجه بعدها إلى الكشف التالي والذي يليه وهكذا من كشف إلى آخر حتى انتهى يومه وغادر المدرسة انتظاراً للنتيجة. عاد إلى " لطيف " وقص عليه ما حدث معه بالتفصيل
استمع إليه " لطيف " باهتمام قبل أن يعمله مرة أخرى بعبارة واحدة: ما تقلقش يا عبده.. اعتبر نفسك من دلوقتي نجحت وبقيت طالب في الثانوية الجوية..
كان المعلم «سعيد السيسي» قد فرغ لتوه من أداء عمله بورشته الكبيرة لصناعة الأويما قبل أن يصيح كعادته منادياً " عرفة " صبي المقهى المقابل له:
ابعتلى شاي وشيشة يا " عرفة "
حاضر يا عم الحاج.. من عينيه
كان صوت الراديو الخشبي الضخم المعلق على جدران المقهى يصل إليه واضحاً يصدح بأغنية شهيرة لـ " أم كلثوم ... وقد هدأت الحركة قليلاً في الشارع في تلك الساعة المتأخرة من الليل.. جلس الحاج سعيد السيسي» على كرسي متهالك أمام ورشته وهو يدندن بنغمات الأغنية التي يسمعها.. قبل أن يعود مرة أخرى إلى همومه التي دائماً ما كانت تغلبه في الأيام الأخيرة ..
كان مهموماً بسبب شعوره ببوادر اندثار مهنته وضغوط المطالب المالية من زوجتيه وأبنائه منهما.. في الفترة الأخيرة قل الطلب على فن الأويما..
لم تعد مهنة محمود أصحابها كما في السابق.. الناس لم تعد تطلب شغل الاويما بسبب ضيق الحالة الاقتصادية لأغلبهم..
و حتى من لديهم القدرة على دفع الثمن كان بالنسبة لهم فن الاويما قد أصبح شيئاً من الماضي ولم بعد موضة كما كان في السابق..
ها هي المهنة التي نزح من قريته بسببها وترك من أجلها أهله وبيت عائلته قد بدأت تتوارى ويطويها النسيان..
ومع اندثارها يكبر أبناؤه وتكبر وتزيد معهم المسئوليات.. منذ أكثر من خمس سنوات وقد بدأت صنعته تلفظ أنفاسها.. ومعها بدأت الخلافات تدب يومياً في بيته.. خلافات بين أبنائه وبعضهم البعض بسبب الصراع على ما تبقى من أرباح ورشته تارة وبينه وبينهم تارة أخرى بالإضافة إلى خلافات زوجيه العادية والدائمة التي زادها اتساعاً ضيق الحال وتبدله..
ومحاولات كل منهما الاستئثار بالجزء الأكبر من ماله وحنانه عليها وعلى أولادها.. تذكر كيف بدأ مؤخراً يسعى في إلحاق أبنائه بالتطوع في الجيش والبوليس حتى يرفعوا عن كاهله عناء مسئولية طعامهم وشرائهم وما كلهم وملبسهم..
غير أنه أيضا أنى تعليم بعضهم في مراحل متوسطة.. كان لا يستطيع الوقوف أمام سيطرة زوجته الثانية عليه وعلى تخطيطه وتدخلها في كل تفاصيل حياته حتى أبناءه من الزوجة الأولى.. كان لا يمانع في سيطرتها بحكم أنها أكثر منه تعليماً.. وتمتد جذورها إلى إحدى أكبر عائلات الحي القديمة والتي تعلم كل شيء عن ظروف الحي والعمل والتجارة به.. ما كان يجعل دائماً رأيها بالنسبة له سديداً وينفذه بلا تردد أو مناقشة.. وافقت على عمل ابنها «عبد الفتاح» في محلات الخواجة "لطيف" مبكراً حتى تبعده عن مشاكل أيه المالية مع إخوته.. قبل أن تذكي إلحاقه بالمدرسة الجوية لتضمن له مستقبلاً ميسوراً فقد كان أقرب أبنائها لها..
كانت له مكانة كبيرة في قلبها.. كان يتفهم تماماً كل ما تفعله من أجل أبنائها ... أن ما كان يؤرقه هو طلبها الأخير منه بتغيير نشاطه في صناعة الأويما إلى التجارة وتحويل ورشته إلى محل للعطارة التي تلقى قبولاً من كل زوار منطقة حارة اليهود.. بل إن أغلب الناس على مختلف طبقاتهم يأتون خصيصاً لشراء ما يلزمهم أسبوعياً من عطارة الموسكي وحارة اليهود.. الفكرة تبدو مقبولة في ظل تردي أوضاع صناعة الأويما وصناعها... والحالة التي وصل لها هو نفسه... .
وعدها أن يفكر في الأمر.. طلبت منه ألا يضيع الوقت في التفكير .. وها هو قد حسم أمره وقرر أن يغير نشاطه... وعدها أن تكون المقاولة الصغيرة التي بدأها قبل أسبوع هي آخر عهده بصناعة الأويما.. بدأ في تصفية نشاطه واتفق مع تجار العطارة الكبار أن يمدوه بالكميات التي يطلبها بدءاً من الشهر القادم.. لا يعرف كثيراً عن تجارة العطارة إلا أنه قرر أن يستحيب لمطلب زوجته الثانية كالعادة.. ربما يكون في أفكارها كمادة نصائحها ما ينقذه من الإفلاس الذي بات مقبلاً عليه بسرعة..
المصير المظلم الذي يتجه إليه لم يجعل أمامه أية خيارات.. غير أنها وعدته أن تبيع له مصاغها وخليها في حالة واحدة فقط.. أن يتحول بنشاطه إلى التجارة.. سبب آخر كفيل بموافقته على طلبها فهي تمتلك أكثر من ثلاثة كيلو جرامات من الذهب هو كل ما تبقى لها من ميراث عائلتها الضخم بعد أن صادر " عبد الناصر " أموالهم عقب طرده لهم من مصر..
وحدها بقيت بجوار زوجها وتركت أهلها يرحلون بدونها فقد كانت قد أعلنت إسلامها قبل طردهم بمدة طويلة.. كانت المدة كافية لاستثنائها من الطرد خارج البلاد... نفض عن نفسه ذكريات زوجته وعائلتها وهو يهب واقفاً لاستقبال آخر زبون سيتعامل معه " في أويما" ويبدأ بعده العمل كتاجر عطارة.. ينسى لقب الأسطى ويستقبل لقب المعلم "سعيد"
كان الاسم يبدو جديداً على أذنه.. المعلم " سعيد السيسي".. العطار..
بينما كان عبد " الفتاح " يرتدي " مريلته " البيضاء ويمارس عمله في محل " لطيف " استمع فجأة إلى رنين الهاتف الأسود الضخم الذي يقبع بجوار مكتب لطيف.. شيء ما في داخله جعله يشعر بأن الهاتف يرن من أجله ...
رفع الخواجة " لطيف " سماعة الهاتف وعبد الفتاح» يتابعه بقلق قبل أن يلمح وجه " لطيف" وهو يعيد سماعة الهاتف إلى مكانها ويهتف بصوت عالي:
مبروك يا شاويش "عبده"
- مبروك على إيه يا بابا " لطيف "؟ وشاويش إيه؟
- مبروك يا سيدي قبلت في الجوية وبقيت طالب ومن بكرة تسلّم نفسك للمدرسة في الماظة.. وموضوع شاويش دا بقى ها تعرفه لما تلبس الميري.. لما ها تسمع الكلام وتطيع الأوامر هنترقى بسرعة وتبقى أومباشى وبعدها شاويش.. ها تبقى أصغر شاويش في الجيش يا عبده بس انت تسمع كلام اللي أقدم منك.. اخلع بقى مريلة الشغل وحد القرشين دول يساعدوك لحد ما تقبض أول ماهية...
قالها وهو يناوله مبلغاً من المال فتناوله "عبده" وهو يقبل يديه ويردد بحنان واستعطاف:
ربنا يخليك يا "بابا لطيف".. ربنا يخليك يا "بابا لطيف"
قالها وهو يفك رباط "مريلة" الشغل ويحضن "لطيف" ويخرج من المحل مسرعاً إلى بيته.. وما إن فتح له أحد إخونه باب البيت حتى جرى بلهفة على حجرة والدته.. رمى نفسه في حضنها وهو يبكي: قبلت يا أمي قبلت.. أمنيتك انحققت هابقى ضابط في ما انتي عازوه...
حضته أمه بقوة وهي متماسكة.. قبل أن ترد عليه :مبروك يا حبيبي عوزاك تطول رقبتنا وما تشمتش حد فيك.. تسمع الكلام وتنفذ الأوامر وما تشغلش بالك لو حد شتمك.. الشتيمة قبل ما ها توصلك ها تخبط في طوبة أو عمود.. سامع یا "عبده" مش عوزاك تقف قدام الشتيمة وتناطح وتتكبر .. عشان ما تديش الفرصة للناس يشمتوا فيك ويقولوا ما استحملش العسكرية.. الشتيمة مش بتلزق يا "عبدة".. فاهم؟
حاضر يا أمي.. أوعدك إنى هاسمع الكلام وها نفذ الأوامر .. أوعدك إني هامسك في الفرصة دي بايدى وسناني...
- ربنا يوفقك يا ابني.. حافظ على قرشك وما تصرفش كثير ..ما تعملش مشاكل مع الطلبة أصحابك..
أصحابي ؟!.. أنا مش ناوي أصاحب حد أصلاً.. عم "لطيف" أمرني بكده.. مش ها صاحب حد.
يكون أحسن..
- ادعيلي يا أمي..
قالها وهو يناولها نصف المبلغ الذي أعطاه إياه "لطيف"
ربنا يقف جنبك ويعينك عالوحدة ويصبرني على بعدك يا "عبده" يابني.. وقتها كان عبد الفتاح لا يرى أمامه سوى بدلته العسكرية التي سيرتديها.. يرى فيها طوق النجاة من حالتهم المادية الصعبة... كان باختصار لا يرى فيها سوى الخلاص...
0 Comments: