حتى من يقولون بأن التوريث كان بالاتفاق مع واشنطن، لا يستطيعون تفسير القطيعة التي حدثت بين الرئيس مبارك و بوش الابن و التي استمرت 5 سنوات لم يقم خلالها الرئيس بزيارة البيت الأبيض اطلاقا! ألم يكن من الطبيعي ان تكون هذه هي الفترة التي يتم فيها تقديم جمال و الحصول على المباركة الامريكية في تتويج الوريث - كما يقولون؟ حتى عندما زار بوش شرم الشيخ اثناء مؤتمر دافوس في 2008، عامله مبارك ببرود شديد ولم يستقبله في المقر الرئاسي بشرم الشيخ ولم يحضر كلمة بوش امام المؤتمر بل انصرف الرئيس سريعا بعد القاء كلمته وبدون ان يصافح الرئيس الامريكي في اخر اعوام ولايته الثانية بالبيت الابيض.
أما الظهور الاعلامي لجمال والقول بتلميعه، فهي كلها مبالغات من الصحافة الخاصة التي كانت تزيد مبيعاتها كلما ظهرت صورته على أغلفتها رغم أنه لم يدل بأي حديث صحفي سوى مرة وحيدة لروز اليوسف. واذا تتبعنا عدد مرات ظهور جمال على شاشات التليفزيون مثلا طوال 10 سنوات منذ صعد اسمه في الحزب الوطني، سنجد أنه لم يظهر في احاديث تليفزيونية أو لقاءات سوى مرات قليلة معدودة كان اغلبها على قنوات أوربت المشفرة التي لا تصل سوى الى قطاع ضيق من المصريين. أما على تلفزيون الدولة فعلى ما اذكر فقد تحدث جمال مرة مع عبداللطيف المناوي في برنامج وجهة نظر و مرة مع لميس الحديدي، وهما برنامجان لم يحظيا نسبة مشاهدة عالية لدى المصريين. أما ظهوره الوحيد والأخير في برنامج ذو نسبة مشاهدة عالية فكان مع خيري رمضان في مصر انهارده 2010. كل هذه اللقاءات كانت تتصادف مع فترة انتخابات برلمانية أو مؤتمرات حزبية واطلاق برنامج الحزب، وكان جمال يتحدث بصفته الحزبية فقط وعن سياسات حزبه و برامجه وبكلام لا يوجد فيه أي افتئات على مهمة ودور الحكومة، رغم أنه كان من الممكن أن يظهر بمظهر أكثر قيادية وكأنه الآمر الناهي و هو ما لم يفعله بل كان دائما يتحدث عن جهد الفريق و دوره المساوي لأدوارهم. كان من الممكن تلميع جمال بشكل أكبر من هذا خصوصا اذا علمنا ان عدد مرات ظهور وزير مثل المهندس رشيد محمد رشيد في التلفزيون المصري تجازو ال 20 مرة . كان اسم جمال ضيفا متكررا رغما عنه على أغلفة الصحف الخاصة التي تريد اضافة خلطة حريفة الى أخبارها وزيادة مبيعاتها عن طريق اقحام اسمه وصورته بدون داع مما اعطى انطباعات كثرة ظهوره و تلميعه و هو ما لم يكن صحيحا.
اسم واحد كان يتردد بقوة في كل هذه الدوائر مسئولا عن أهم الملفات الخارجية طوال السنوات الماضية وتنطبق عليه مواصفات اعداد الخليفة: الوزير عمر سليمان.
لماذا سطع نجم سليمان طوال السنوات الماضية بهذا الشكل؟ وان كان التوريث حقيقة، ألم يكن من الأفضل ابقاء هذه الشخصية القوية في الظل بدلا من تقديمها كأقوى المرشحين لخلافة مبارك؟